للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاً: أنه تكذيب للقرآن والسنة في تكفير اليهودية والنصرانية وغيرها من الأديان، وحصر الحق والنجاة في الآخرة في (الإسلام) فقط. يقول تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:٨٥]. ويقول تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} [آل عمران: ١٩]. ومن أصول العقائد الإيمانيّة الضرورية في دين الإسلام:

"اعتقاد كفر من لم يدخل في هذا الإسلام (١)، من اليهود والنصارى وغيرهم, وتسميته كافرا وأنه عدو لنا، وأنه من أهل النار (٢) قال تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة: ١]. وقال تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ} [المائدة: ٧٣]. ومن نواقض الإيمان القطعية تكفير من لم يكفر الكافر الأصلي, كاليهود والنصارى وأهل الأديان؛ لأن عدم تكفيرهم تكذيب لخبر الله وخبر رسوله في كفرهم، ومعاندة لحكمه فيهم, ولا مجال للحديث التفصيلي عن أوجه كفر أهل الكتاب وغيرهم.

ثانياً: أنه طعن في نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- من حيث شمولها وكفايتها وختمها لسائر النبوات (٣).

ثالثاً: أنه طعن في أصول الإسلام وجذوره الأساسية, مثل شهادة لا إله إلا الله التي تقتضي الكفر بالطاغوت, الذي هو من أبرز شروطها كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل) (٤) , وهذا الحديث يدل على أن قول لا إله إلا الله وحده دون اعتقاد أو عمل-غير عاصم للدم والمال الذي هو علامة على ثبوت الإسلام- ولا معرفة معناها مع لفظها, ولا الإقرار بذلك, بل لابد من الكفر بما يعبد من دون الله وهو الطاغوت، وكذلك طعن في شهادة أن محمداً رسول الله وقد تقدم.

وتأسيساً على ما سبق: "فإن الدعوة إلى (وحدة الأديان) إنْ صدرت من مسلمٍ فهي تعتبر ردة صريحة عن دين الإسلام، لأنها تصطدم مع أصول الاعتقاد، فترضى بالكفر بالله عز وجل، وتبطل صدق القرآن ونسخه لجميع ما قبله من الشرائع والأديان، وبناءً على ذلك فهي فكرة مرفوضة شرعاً, محرمة قطعاً بجميع أدلة التشريع في الإسلام، من قرآن وسنة وإجماع " (٥).

خامساً: حوار توحيد الأديان وحكمه:

تعريفه: توحيد الأديان يقصد به "دمج جملة من الأديان والملل في دين واحد مستمد منها جميعاً، بحيث ينخلع أتباع تلك الأديان منها وينخرطون في الدين الملفق الجديد" (٦) , والفرق بين هذا النوع والنوع السابق (وحدة الأديان) هو أن:

النوع الأول: عبارة عن دين جديد مخلوط من عناصر الأديان مع الترك والخروج من الدين القديم والدخول في هذا الخليط الجديد.

أما النوع السابق: فلا زال كل واحد على دينه القديم لكن كل دين, فهو صواب يوصل إلى المقصود, مع إبداع إطار عام يبرر توجهات الأديان جميعاً. وأن الخلاف بينهما مثل الاختلاف بين الآراء الاجتهادية الصحيحة في الدين الواحد.


(١) أي الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم في العقائد والشرائع وهو عبادة الله وحده لا شريك له بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم
(٢) الإبطال لنظرية الخلط ص/ ٩٣, وفتوى اللجنة الدائمة في (وحدة الأديان) برقم (١٩٤٢) وتاريخ ٢٥/ ١/ ١٤١٨هـ.
(٣) انظر تفصيل ذلك في دعوة التقريب بين الأديان ٤/ ١٤٣٦.
(٤) رواه مسلم في صحيحة عن أبي مالك عن أبيه، رقم ٢٣
(٥) فتوى اللجنة الدائمة في (وحدة الأديان) برقم (١٩٤٢) , وتاريخ ٢٥/ ١/ ١٤١٨هـ.
(٦) دعوة التقريب بين الأديان ١/ ٣٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>