للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي يهمنا هنا هو فكره ومنهجه، ومنهج حركة النهضة التي وصلت إلى الحكم في تونس بعد سنين من الاضطهاد، هل هي الحركة التي يرجو المسلم الموحِّد من فوزها أن تطبق شرع الله، وترفع ظلم العباد لأنفسهم ولغيرهم، وهل هذا التمكين هو التمكين المرجو في قوله تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}؟ وهل ينطبق على الحركة قوله تعالى: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}؟

حركة النهضة التي اختلف فيها الدعاة اليوم بين مؤيد ومعارض، هي حزب يرفع راية الإسلام، وهو الحزب الوحيد المؤهل الآن لحكم تونس التي قضت عقوداً في العلمنة والإلحاد، لكن هذا لا يمنعنا أن ننقده، ونبين جوانب النقص فيه، وقد جعلت ذلك اختصاراً في ثلاثة محاور.

وقبل سرد هذه المحاور من المهم أن يعلم القارئ أن الحركة -كرئيسها الغنوشي- تقلبت خلال هذه السنين، وانتقلت من حال إلى حال، حيث كان للإخوان المسلمين أثرٌ عليها في بداية النشأة، ثم انتقلت الحركة إلى التوجه العقلاني، وأصبحت تعتبر جماعة الإخوان المسلمين جماعة سلفية تقليدية!!، وإليك جدولاً أعده عبد اللطيف الهرماسي قارن فيه بين منهج الحركة وتوجهاتها في السبعينات ومنهجها في الثمانينات، استلَّه من بيانات الحركة وتصريحات زعيمها، نشره مركز دراسات الوحدة العربية، ومما جاء فيه:

١ - الموقف من تطبيق الشريعة

في السبعينات: - تنفيذ أحكام الله وإقامة الحدود في المرحلة الثانية من الدعوة: مرحلة قيام المجتمع المسلم، التي تلي مرحلة الدعوة والبناء.

في الثمانينات: - تأجيل المسألة إلى أن يتم إعداد الرأي العام.

- تعطيل الحدود حتى تزول أسباب الجريمة، وتتوفر شروط التطبيق.

٢ - الموقف من تعدد الزوجات

في السبعينات: - تعدد الزوجات مباح وجائز بصريح النص المحكم الذي لا شبهة فيه، ولا يجوز للحاكم المسلم أن يمنعه مطلقاً.

في الثمانينات: - إن حركة الاتجاه ما كانت تهدف، ولا هي تهدف الآن إلى مراجعة منع تعدد الزوجات. وهي لا تعتبر التعدد أصلاً من أصول الدين، ولا تعتبر أن حل مشكلات الأسرة يتوقف على السماح بالتعدد.

٣ - الموقف من الاختلاط وتعليم المرأة وعملها

في السبعينات: -الاختلاط سبيل للفجور، وحق المرأة في التعليم محدود فيما يكفل قيامها بوظيفتها الطبيعية: شؤون المنزل ورعاية الأطفال، واشتغالها لا يجوز إلا عند شدة الحاجة، وشرط أن تكون المهنة شريفة، والمرأة دون عائل.

في الثمانينات: - اعتبار أن وجود المرأة في المؤسسة غدا أمراً واقعاً لابد من مواجهته بروح جريئة، واعتبار الممانعة في تعليم البنت تصوراً بدائيًّا ليس له أساس من الدين.

٤ - الموقف من الديمقراطية

في السبعينات: - الإسلام يتضمن كل ما نحتاج إليه لإدارة المجتمع.

- كل محاولة لإدخال مفاهيم مثل الديمقراطية والاشتراكية هي تعبير عن شعور داخلي بالهزيمة.

- الحرية والديمقراطية والمساواة، ليست سوى أصنام حديثة أو وسائل تخدير واستعباد.

- رفض كل النظم البشرية، والقول بمفهوم الحاكمية.

في الثمانينات: -العلاقة مع الله تمر بالشعب ثم بالحاكم الملتزم بتطبيق البرنامج الذي اختاره الشعب.

- نحن لا نعارض قيام حركة سياسية، وإن اختلفت معنا اختلافاً جذرياً.

- الحاكمية للشعب وحاكمية الله تمر عبر الشعب.] (١) ا. هـ


(١) عبد اللطيف الهرماسي، (الحركات الإسلامية والديمقراطية) (ص٣٠٤)، مركز دراسات الوحدة العربية.

<<  <  ج: ص:  >  >>