وتقارن الدراسة "بين خطاب عمرو خالد من خلال تحليل مضمون درسه (الشباب والصيف) وبين خطاب الإصلاح البروتستانتي في أوائل القرن التاسع عشر لتتحدث عن أوجه تشابه كبيرة بينهما خاصة فيما يتعلق بالنظرة إلى الثروة الاقتصادية، فخطاب عمرو خالد يتحدث عنها باعتبارها ليست عيبا أو ذنبا بل هي نعمة من الله، ويؤكد على ذلك في كل دروسه مبررا التراكم الاقتصادي الذي حققته الطبقة البرجوازية في السنوات الأخيرة ويعطيه الشرعية الدينية مشروطة بأداء حقه، وهو خطاب موجه بالأساس إلى الطبقة المهيمنة أو الصاعدة اقتصاديا حتى في رؤيته للأخلاق والقيم الإسلامية، فالصبر مثلا في خطاب عمرو خالد يختلف عن الصبر في الخطاب الإسلامي التقليدي الذي يأخذ طابعا (قدريا) في حين يعني عند عمرو التواصل والاستمرار في العمل وتنظيم الوقت والمثابرة على النجاح". مرجع (٥)
و"ما اقترب منه الباحث ولم يقله أن المهم في ظاهرة الشيوخ الجدد هي الحالة التي يصنعونها وليس أشخاصهم ولا مضمون كلامهم. الحالة هنا هي الجو المحيط والوسيط الذي ينتقل عبره الكلام والجمهور الحاضر وهكذا .. فهذه الحالة تؤدي إلى تصالح شعوري بين الواقع المعيش وبين الدين الذي يمثل المرجعية الأساسية للشخص الحاضر المنتمي للبرجوازية الجديدة. ويصير السلوك الشخصي المعيش حياتيا المرفوض دينيا (مثل الاختلاط مع الفتيات غير المحجبات أو المحجبات والتعرف عليهن) سلوكا دينيا مطلوبا (فالشاب صار يدعو الفتاة للدين) ". مرجع (٥)
"وتضع الدراسة ظاهرة عمرو خالد في سياق عالمي تأثر بهيمنة خطاب الليبرالية الجديدة عالميا وعلى كافة الأديان، فيرى أنها تقترب كثيرا من جماعات الإيمان الجديدة المسيحية التي انتشرت مؤخرا في الغرب في رفضها للمؤسسات الدينية التقليدية واستقلالها عنها، وفي طابعها الفردي المستقل البعيد عن الجماعية، وفي تركيزها أيضا على المشاعر والعواطف". مرجع (٥)
وجمهور "الدعاة الجدد" بحسب وصف الدراسة:"في مجمله من غير المؤطرين تنظيميا أو سياسيا، ويتشكل من مجموعات صغيرة أقرب إلى مفهوم الشلة (الذي تنتظم وفق العلاقات بين أبناء النخبة) منه إلى مفهوم الجماعة والتنظيم؛ فحضور الدروس كان دائما ما يتم عن طريق مجموعة الأصدقاء أو (الشلة)، وهو جزء من تفاعلات العلاقة بين أعضاء هذه المجموعة التي مثلما تذهب لحضور الدروس تذهب أيضا إلى المصيف والنادي والسينما وأداء العمرة في الأراضي المقدسة". مرجع (٥)
و"تؤكد الدراسة أن ظاهرة عمرو خالد والشيوخ الجدد مرشحة للتكرار ليس في مصر وحدها بل في العالم العربي والإسلامي بفعل التفاعلات المستمرة والمكثفة بين الخطاب الإسلامي وبين قيم وأفكار وتوجهات الليبرالية الجديدة". مرجع (٥)
هذا أنموذج للدراسات الغربية المتابعة للخطاب الديني في مجتمعاتنا، وأساليب هذا الخطاب وأبعاده وخلفياته، كل ذلك سعيا وراء استغلال أو توجيه أو مصادمة .. هذا أو ذاك التيار والتوجه!
٦) رغبة الجماهير:
إن الجماهير ميالة بطبعها إلى تدين غير باهظ التكاليف، وما توجيه موسى -عليه الصلاة والسلام- للرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- (في قصة المعراج والإسراء) ليطالب ربه بالتخفيف في شأن الصلاة، نظراً لما قد عالج من بني إسرائيل، إلا دليل على ذلك. وإذا أضفنا إلى هذه الطبيعة الخوف على المصالح والمتع الدنيوية والميول إلى الترف والشهوات .. فإن الأمر يكون آكد؛ وتبقى هذه الجماهير تبحث عمن يسهل عليها التكاليف والتبعات.