وهناك ضغوط تمارس ضد الدول الإسلامية لإيجاد بدائل للخطاب الديني القائم، بما يتفق مع النهج الديمقراطي والتعددية الفكرية والسياسية التي يراد للمنطقة أن تنفتح عليه! كما أن الحالة الأمنية التي أفرزتها هذه الضغوط في جانبها الأمني أفسحت المجال لـ"تدين" من هذا النوع في مقابل انحسار "التدين" التقليدي!
وللعلم، فإن ظاهرة "الدعاة الجدد" حازت على اهتمام الغربيين، في إطار الاهتمام بحركات "التدين الجديد" عموما! فقد أصدرت الدورية الفرنسية "السياسة الأفريقية"، في عددها ٨٧ ملفا خاصا .. بعنوان "موضوعات الرب"؛ لبحث التغيرات الجديدة على مستوى الدين في قارة أفريقيا السمراء. و"السياسة الأفريقية" واحدة من أهم الدوريات المتخصصة في الشئون الأفريقية، وتصدر عن مركز الأبحاث السياسية والقانونية في القارة الأفريقية بجامعة السوربون، ويرأس تحريرها "ريشار بانيا" و"رولان مارشال". وهي تعكس الاهتمام الفرنسي الكبير بالقارة السمراء التي شهدت منذ نهاية الثمانينيات نوعا من العودة للدين على كل المستويات.
وقد ضم الملف دراسات ومقاربات مختلفة حول الدين والحياة في أفريقيا؛ وكانت أهم دراسات الملف تتحدث عن "الدعاة الجدد"، "لأنها ربما كانت الأولى والأهم عن ظاهرة جديدة على الحقل الديني الإسلامي" كما يقول حسام تمام. والدراسة وهي بعنوان:"الإسلام كظاهرة اجتماعية" أعدها "باتريك هاني" وهو باحث اجتماع سويسري يعيش في مصر وهو مختص في الظاهرة الإسلامية". وقد أشار إلى أن: "أهم نقاط الاختلاف التي ترصدها الدراسة -بين الدعاة الجدد ومن قبلهم- كانت الابتعاد عن السياسة والتزام خطاب أخلاقي يختلف مع خطاب هذه الجماعات والتنظيمات السياسية". مرجع (٥)
وترى الدراسة "أن نموذج عمرو خالد يمثل تلبية للاحتياجات الدينية للنخب والطبقات العليا في مصر، ومحاولة لتقديم إسلام بمواصفات خاصة لأبناء هذه الشرائح التي تستقر بأعلى الهرم الاجتماعي في مصر، بما يلبي رغبتها الحقيقية في التدين وفي ألا تحمل شعورا بالذنب أو إحساسا بالتقصير يدفعها إلى إعادة النظر في وضعها الاجتماعي وما يكفله لها من امتيازات لا تتاح للطبقات الأقل، وهو تدين ذو مواصفات خاصة لن تجده هذه الشرائح في خطاب الشيوخ التقليديين". مرجع (٥)
"وخطابه -عمر خالد- بالأساس رافض لانحلال الطبقة البرجوازية التي ينحدر منها، ولكنه أيضا متصالح مع هذه الطبقة، ويستجيب لرغباتها في تدين بمواصفات خاصة بها، وبالشباب منها بصفة خاصة باعتباره الحلقة الأضعف من هذه الطبقة، وهو تدين جديد .. الدنيا حاضرة فيه بقوة وليست على صِدام مع الدين، كما لا يتعرض فيه البناء الاجتماعي للطبقة والعلاقات الأسرية إلى خلخلة أو تفسخ أو صدام بين أطرافه كما يحدث في التدين السلفي الذي تقدمه جماعات وتنظيمات الإسلام السياسي". مرجع (٥)