للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الزاوية لو تأملها من أفتى بجواز العمل لكان فيها كفاية لقلبه وعقله أن يرجع عن القول بالجواز ويربأ بالفقيه أن يكون مطية للذين يريدون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا كما أن فقهاء آخرين اختاروا أن يكونوا مطية للظالم والمفسد، فالمفتي بالجواز هنا استخدمه ملاك القنوات لرفع نسب المشاهدين للفحش والفسق كما أن عالم السلطان استخدمه الحاكم ليثبت شرعيته ويبيض اسمه بعد سرقته وإفساده في الأرض. وفرق بين من كان مطية للخائض في أمور الصحابة ومن كان مطية للخائض في أمور عموم المسلمين.

موضوع المسلسل:

منهج أهل السنة والجماعة هو ذكر فضائل الصحابة الواردة في السنة والسير والكف عن الخوض فيما شجر بينهم وليس من منهجهم عرض تفاصيل الخلاف على عموم المسلمين، وقد اختار عمر رضي الله عنه عدم التحدث عن واقعة السقيفة وهي حالة واحدة والإشكال فيها ضعيف وبعيد ومع هذا لم يحدث بها الحجيج وهو أفصح وأعلم، ويُقدر على إزالة أي إشكال يقع بعد الخطاب إما بسؤاله أو بسؤال آلاف الصحابة معه، فكيف بمن يريد أن يعرض تفصيلات الخلاف بينهم حول أمور كثيرة سالت فيها الدماء ويشاهد كل هذا ملايين من المسلمين ومع قلة العارفين بمنهج أهل السنة في هذه الوقائع، وانقطاع الحلقات وعدم تتابعها في توضيح الأمور وقد يفوت مشاهدون بعض الحلقات، المجيز هنا يفتح بصنيعه هذا أبواب الشك والتنقص وإيغار الصدور وسوء الظن في الصحابة، ثم يظن المجيز أنه يحسن بذلك لعموم المسلمين فهذا التصور عبث وقلة إدراك، ولهذا يقول الطحاوي في عقيدته (ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم ولا نذكرهم إلا بخير)

من ظن أنه بهذا العمل الدرامي سيحل كثيرا من الجدل بين عموم المسلمين اليوم على تلك القضايا فهو واهم ... هو فقط سيوسع دائرة الجدل ويدخل فيه أناسا من عموم أهل السنة كانت عقائدهم صافية نقية. ولو أن المسلم جهل من الناحية التاريخية ما وقع بين الصحابة لما ضره ذلك في دينه

عرض الخلاف بين الصحابة بهذه الصورة وعلى عموم المسلمين يراه الجاهل والأعجمي وضعيف الفهم فيه من الفساد والإفساد لعقائد عوام المسلمين الشيء الكثير فان الواجب تربية الناس على حب الصحابة وذكر فضلهم وأي شيء وقع بينهم بعد ذلك هم فيه بين الأجرين أو أجر ومغفرة ولا يعرض خلافهم هكذا على الملأ فهذا مخالف لعقيدة أهل السنة والجماعة فيما شجر بين الصحابة وإشاعة تفاصيله من صنيع أهل البدع، وبهذا تعرف سبب تحذير السلف من مخالطة أهل البدع فقد أضعفت حب الصحابة في قلوب قوم فأصبحوا لا يرون في تقمص الكافر والفاسق شخصية خير البشر بعد الأنبياء تنقص لهم، فرحم الله بعض السلف إذ يقول لمبتدع أراد حواره (ولا نصف كلمة)، وإذا عرفت أن بعض أولئك المجيزين لا يرى فرق بين رأي السلف ورأي الرازي زاد يقينك بفقه السلف عندما حذروا من مخالطة أهل البدع.

وإن من صنيع الرافضة - في تشييع أهل السنة - أن يبدؤوا بإثارة الخلاف بين الصحابة على طريقة السؤال وطلب المعرفة ومنه ينطلقون إلى التشكيك في دينهم انتهاء بالرفض وهي سلسلة البدء فيها بلا شك ينتهي بالطعن أو السب أو التكفير.

قد يحتج بعض الأفاضل أن المسلسل فيه دعوة للشيعة وهي حجة خاطئة، فهل تعتقد أن الشيعة ينتظرون منك أن تعرفهم بتاريخهم فإن مفاتيح عقولهم في جيوب أشياخهم، ثم على فرض بأن هناك عدد من الشيعة سيتأثر بهذا العمل كم عدد أولئك بالنسبة للسنة الذين سيحصل عندهم استفهامات وتشويش سيحدثه المسلسل ولن يوضحها بشكل كاف وقد بدأنا نسمع من بعض من رُبِّيَ على تعظيم الصحابة أسئلة وشكوك عرفوها بعد هذا المسلسل.

<<  <  ج: ص:  >  >>