وقد عرض بن كثير رواية فيها اتهام للمغيرة بن شعبة رضي الله عنه بتزوير مكتوب له بإمرة الحج قال بعد ردها وإبطالها (ولكن هذه نزعة شيعية)
ومن نماذج إشكاليات المسلسل أنهم مثلوا كلاما على لسان البغاة في عثمان رضي الله عنه فيه طعن في دينه وسب له وكذا مثلوا كلامهم في علي رضي الله عنه، كيف تطيب نفس ذاك الفقيه المجيز إسماع عموم المسلمين الذين لا يعرفون إلا حب الصحابة وفضلهم وسوف يعيشون ويموتون وهم لم يسمعوا مثل ذاك الكلام، كيف يسمعهم الطعن وهم لم يعرفوا إلا التعظيم والحب هذا من قلة الوعي، كيف تطيب نفسه بإجازة تمثيل تلك الأقوال وقد رفض ذاك المفتي مسلسل يمثل فيه أقوالا يقال في إمام دعوته وجماعته المعاصرة وهو أقل بكثير مما قيل في عثمان رضي الله عنه نعوذ بالله من الخذلان.
من أكثر ما يستدل به المجيز أنه لا يوجد دليل من كتاب أو سنة يدل على تحريم تمثيل الصحابة وهو غلط ففي القران والسنة عشرات الأدلة تدل على علو قدر الصحابة على عموم المسلمين ووجوب تفضيلهم وحبهم والتمثيل محاولة تجسيد فيه نوع قلة احترام وهو مناقض لتلك النصوص، والقول بأن كل مسألة بحاجة إلى نص يمنعها جهل وقلة علم، فأدلة الأحكام متعددة ولو طردنا القول بالحاجة إلى نص في التحريم لسقط كثير من الشريعة.
حوار مع المجيزين للمسلسل:
عرف أرسطو التمثيل أنه (محاكاة للطبيعة) وعرفه بعضهم أنه (الكذبة الصادقة) وعرفته موسوعة ويكيبيديا (هو تقمص الشخصيات الدرامية ومحاولة محاكتها على أرض الواقع وتجسيد ملامح وصفات تلك الشخصيات وأبعادها المتباينة في الرواية أو المسرحية المكتوبة)
وهو تعريف ناقص لكنه يدل على معنى التمثيل الحقيقي: التقمص والتجسيد أو كما في عبارة أرسطو المحاكاة، ومن ظن أنه يستطيع فعل ذاك مع الصحابة فهو مزر بنفسه وبحاجة إلى أن يعرف منزلة نفسه وخاصة أن الحسن شبيه بالنبي الأكرم، فمن أين سيأتون بشبيهه، والممثلون معروفون بفسادهم وانحرافهم.
هنا حالة تشتهر في عالم السينما والتلفزيون الغربي وهي رفض عدد من الممثلين تقديم أدوار شخصيات وأحداث عظيمة في تاريخهم بسبب اعترافهم أنهم أقل من تجسيد تلك الشخصيات أو خشيتهم من تقديم الشخصية بصورة ناقصة.
العمل الفني يتكون من عناصر عديدة ومختلفة أهمها النص والأداء أما النص فذكروا أن المشايخ نظروا فيه أما العمل النهائي لا يعرف إن شاهده المشايخ أم لا؟!
أداء الممثل في الأعمال الفنية أهم عند رواد الفن من كاتب النص وهو المقصود الأعظم من كتابة النص فقد يكون النص قويا ومؤثرا لكن يفسده أداء الممثل السيئ وقد يكون ضعيفا وركيكا ولكن يحييه الممثل المبدع وكثير من الجوائز والنقاد في (هوليود) يعتبرون الممثل محور العمل الفني، وهم أشهر من الكتاب لنصوص الأفلام والمسلسلات وأكثر تأثيرا، وذكر بعض من أجاز العمل أنهم لم يشاهدوه، وعليه فإن اعتماد المفتي بالجواز على النص وحده دون تقييم أداء الممثلين هو جهل فني وتقصير في الاجتهاد يرد قول المجيز ويضعفه، ولا يجوز له أن يفتي في نازلة لم يستوعب جوانبها فهذا من التجرؤ على الفتيا، ومن أعظم أولئك المفتين جهلا بالفن وحقيقته الذي يقول أن الممثل مجرد أداة إلكترونية محكوم بالنص ومقيد به، هذا أراح الناس من النظر في فتواه، وهذا ما يبين النظرة المقاصدية للمجامع العلمية التي يوجد بها مئات العلماء عندما أفتت بالتحريم، وتعجل من أفتى بالإباحة وأثر ضغوط الواقع والتفاعل الخاطئ معه