أولاً: إن التطاول على الذات الإلهية وعلى مقام النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم، من أعظم الموبقات وقد توعد الله - عز وجل من يتجرأ على ذلك باللعنة والعذاب في الدنيا والآخرة، قال الله -عز وجل - في محكم التنزيل:{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا}[الأحزاب: ٥٧]، وقال - سبحانه وتعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}[المجادلة: ٥، ٦] ولدينا يقين بأن الله - عز وجل - كتب على أولئك المتطاولين الذلة والصغار في الدنيا والآخرة- ان لم يتوبوا ويرجعوا إلى الله - رغم محاولة بعض وسائل الإعلام تلميعهم وتزيين صورتهم أمام الرأي العام، وصدق المولى - جلَّ وعلا - إذ يقول:{إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ}[المجادلة: ٢٠]
ثانياً: الحرية التي تتطلع لها الشعوب العربية ومنها الشعب التونسي المسلم هي الحرية المسؤولة التي تستنقذه من آسار القهر وقيود الاستبداد، وتراعي كرامة الأمة، وتقدر عقيدتها وهويتها وجذورها التاريخية. وليست الحرية التي تختزل في تحقيق أهداف مشبوهة تستهين بكرامة الشعب، وتناقض هويته، وتتطاول على عقيدته، وتجرحه في أعز ما يؤمن به، ثم تستقوي بالأجنبي لفرضها بالقوة؛ والأمة لن تقبل بذلك النمط من الحرية، و (لن تنحي يدها) مطلقاً عن الدفاع عن نبيها صلى الله عليه وسلم وعن صحابته الكرام - رضي الله عنهم أجمعين-، بل يجب أن يتنحى أولئك القوم المحادون لله ورسوله عن المقدسات والثوابت، ويدركوا أن الشعب التونسي الأبي لن يرضى الدنيَّة في دينه بعد اليوم.
ثالثاً: من حق الشعب التونسي المسلم أن يغضب لله - تعالى -، وأن يغار على دينه، وأن يذب عن مقدساته، ويصون حرماته، امتثالاً لقول الحق - تبارك تعالى -: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ}[الحج: ٣٠]. وقوله - عز وجل -: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}[الحج:٣٢]. وغضب الشعب التونسي بكافة شرائحه الاجتماعية إزاء تلك الانتهاكات الصارخة دليل بيِّن على جذوره الإسلامية العميقة التي لم تغيبها عقود العلمنة والتغريب، وقد سرنا أن عموم الشعب وخاصة الشباب ممَّن لا تظهر على بعضهم سيما التدين تمعرت وجوهم غضباً لله - تعالى-، وغيرة على نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهذا يؤكد أن الذب عن الدين ليس مهمة العلماء أو أئمة المساجد فحسب؛ بل هو مسؤولية عظيمة في رقاب جميع المسلمين (رجالا ونساء) ممن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. ونؤكد ها هنا أن مواجهة الاعتداء على حرمات الأمة ليست مسؤولية الشعب التونسي وحده، وإنما هي مسؤولية جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ممن يواجهون المد العلماني في كل البلاد التي قامت بها الثورات الشعبية وغيرها من بلاد المسلمين، والسعيد كل السعادة من يستعمله الله - تعالى - في طاعته وينصر به الدين.
رابعاً: من واجب وزارة الشؤون الدينية في تونس أن تنزع لباس السليبة واللامبالاة، وتمارس مسؤولياتها الشرعية بجد، وتقف مع الشعب في صف واحد ضد من يسعى لتسفيهه، والاستهانة به، وتحطيم مقدساته والتطاول على حرماته.