الفوضوية والتشتت في إدارة الذات والوقت، والتخطيط الجاد للمستقبل. وقد بين الله تعالى في كثير من آي القرآن الكريم بعضاً من مصير من كان هذا حاله في الدنيا فقال سبحانه:{حتى إذا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}[المؤمنون:٩٩ - ١٠٠]. ويحذر الله من التسويف والتأجيل في الصالحات ويؤكد المولى - تبارك وتعالى- على المبادرة والإسراع فيها، فقال الله:{وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}. [المنافقون:١٠ - ١١].
ويقول المصطفى-صلى الله عليه وسلم- لرجل وهو يعظه:((اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك)). أخرجه الحاكم.
وهناك الكثير من النصوص والدواعم في شأن الترغيب في شأن الإدارة الصحيحة للذات، ومحاولة برمجتها على المبادرة والجادة في الأعمال، وكذلك الترهيب من التقاعس، والفوضى وإهمال معالي الأمور.
وإن من ما يجره هذا الداء الضعف الذاتي والذي يولد الضعف الإنتاجي، ومن ثم ينتج الضعف في الإنتاج، والعمل الجماعي، والخلل في الصف، إذا لا يستطيع تحمل التكاليف والبذل سائر اليوم من كانت الهزلية مطيته، والفوضى سمته.
الجزع وضعف اليقين، وقلة الصبر في مواجهة البلاء، والخور أمام الرزايا والمحن العامة والخاصة، وهذا قد يكون من باب التمحيص، وتصفية الصف، ولإبراز الوزن الحقيقي للجماعة الإسلامية. قال الحق- جل وعلا -: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ}[آل عمران:١٤٠ - ١٤١].
يقول سيد قطب عند هذه الآية:(إن الشدة بعد الرخاء، والرخاء بعد الشدة، هما اللذان يكشفان عن معادن النفوس، وطبائع القلوب، ودرجة الغبش فيها والصفاء، ودرجة الهلع فيها والصبر، ودرجة الثقة بالله أو القنوط، ودرجة الاستسلام فيها لقدر الله أو التبرم به والجموح! عندئذ يتميز الصف ويتكشف عن: مؤمنين ومنافقين، ويظهر هؤلاء وهؤلاء على حقيقتهم، وتتكشف في دنيا الناس دخائل نفوسهم، ويزول عن الصف ذلك الدخل وتلك الخلخلة التي تنشأ من قلة التناسق بين أعضائه وأفراده وهم مختلطون مبهمون!).