للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن الجميع: من شارك ومن توقف ومن أبى، لم يستعيروا ثوبًا ليس من ثيابهم، كما فعل غيرهم, بل جُلُّهم محافظ على مبادئه مستمسك بسلفيته، سائر في مشروعه الذي قامت الثورة وهو عليه.

نعم إن منهم من رفض الثورة وندم آخراً على رفضها فما المشكلة؟

رجل أو رجال حكموا بخطأ أمر ثم بدا لهم صوابه ما الضير في ذلك, ولماذا نتجاوز بمثل هذا الموقف حدوده، ونجعله دليلًا على تذبذب السلفيين، وعدم قراراهم، أو نجعله شاهدًا على فراغهم، وعدم قدرتهم على تقدير الأمور وجهلهم بالسياسة.

هم في كل الأحوال خير من رجل نعرفه، حكَم بصواب أمر، ثم لمَّا بدا خطؤه أطرق إطراق من لا يعنيه الأمر.

أنتهي هنا إلى جواب سؤال المقال: أين المشروع السلفي؟

فأقول: المشروع السلفي في إصلاح جميع تركيبات الأمة قائم لم ينقطع، وحين لا يراه بعضهم فليس ذلك لعدم وجوده، بل لجهلهم به, فالتصديق- كما يقول الفلاسفة- ناتج التصور.

وحين قامت الثورات وقف السلفيون منها موقف العلماء مع النوازل، أول ما يبحثون فيها عن حكم الله. واختلاف رأيهم ناتج اختلاف معطيات اجتهادهم.

توصيات في آخر الحديث:

١ - النظر إلى الذات بعين البصيرة خيرٌ من جلدها، ومما يؤسفني أن كثيرًا من السلفيين بدؤوا بالثانية وتركوا الأولى، مع أنهم لو نظروا إلى أنفسهم نظرة فاحصة لخفت وطأتهم على أنفسهم وأهليهم.

٢ - الحملة الجائرة ضد السلفية ولاسيما في مصر بعد انتهاء الثورة وحتى الآن جزء من محاولات القضاء على النفسية السلفية المعتدة بمنهجها, تلك النفس التي كانت وما تزال من أعظم المؤثرات على انتشار دعوتهم؛ لأن النفوس مجبولة على حب الأقوياء والثقة بما عندهم.

٣ - المشاركة من السلفيين في العمل السياسي ينبغي أن لا تكون ردة فعلٍ تجعلهم ينصرفون إلى السياسة بكليتهم؛ لأنهم إن فعلوا ذلك سيفقدون مشروعه حقًّا.

٤ - ما زال الوقت مبكراً حتى نسمي ما قدمته هذه الثورات نجاحاً، ونحن ننظر مع إشراقة كل يوم إلى غمام جديد يتساقط عن وجه الشمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>