للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن زعماء هذه الدول الاستعمارية ما يبحثون إلا عن مصلحتهم, ولا يعنيهم في شيء المعاناة التي تعيشونها وقد كانوا هم أشد العون لكل الزعماء الدكتاتوريين في العالم العربي, وما صرحوا بأنهم معكم إلا عندما وجدوا أن ورقة القذافي أو غيره من الزعماء فد صارت محروقة وتالفة, ولو بدا لهم أن القذافي متمكن من الأمور لما قرروا حربه. ويكفي أن تراجعوا تصريحات أوباما المضحكة أثناء الثورة المصرية, فهو مع اختيار الشعب اليوم, ثم مع الرئيس مبارك غدًا, ثم مع الشعب بعد غد, ومرة أخرى مع الرئيس مبارك! هكذا حسب الظروف! والمضحك أن الزعماء الأوربيين كانوا يترنحون خلفه يمينًا ويسارًا, وما جهروا جميعًا بعظمة الثورة المصرية إلا بعد أن سقط النظام ونجحت الثورة!!

ولو كان عمر سليمان هو الذي سيطر وحكم لوضعوا أيديهم في يده, فلا تكترثوا بتعليقاتهم، إنما اعتمدوا على ربكم ثم على قوتكم ووحدتكم.

كما لا ترعبوا أنفسكم باحتمالية دخول الغرب إلى بلادكم,؛ فالغرب يعاني من فشل في العراق وأفغانستان وفلسطين، ولا أعتقد أنه يمكن أن يدخل عسكريًّا عندكم, خاصة أن الأحداث ساخنة حولكم, من الشرق في مصر, ومن الغرب في تونس, فلا داعي لبث القلق والفزع في صفوف الشعب دون داعٍ مهم.

وإياكم إياكم أن تفتحوا أنتم لهم الباب, فلا تقبلوا عونًا عسكريًّا من أوربا أو أمريكا، مهما كان الأمر, وضعوا نصب أعينكم الحكمة العربية القديمة: "ما حكَّ جلدَكَ مثلُ ظُفرِك, فتولَّ أنت جميع أمرك".

تاسعًا: دائمًا عيشوا وفي أذهانكم صورة مستقبلكم السعيد إن شاء الله، لو تخلصتم من هذا الطاغية .. إننا الآن في مصر نحقق -بفضل الله- نجاحًا كل يوم، ونكتشف فسادًا في كل لحظة, ولا نستوعب حجم الخير الذي فتحه الله لنا، فعيشوا على هذا الأمل ..

إن أموالكم منهوبة، وأفواهكم مكممة, وبلادكم ضعيفة, وحرياتكم مقيدة, وشبابكم عاطل, وكل هذا بسبب نظام فاسد ظالم لا يرقب في مؤمن إلاًّ ولا ذمة ..

إن مجرد التفكير في المستقبل السعيد عندما تُرفع غُمَّة القذافي ونظامه عنكم، ستعطيكم شحنة هائلة من القوة والثبات. ويكفي أن تطالعوا أخبار مصر يوميًّا؛ لتروا الخير العميم الذي بدأنا نعيشه من أول لحظات خروج طاغيتنا, فاللهم عجِّل فرجكم.

عاشرًا: اعلموا - أيها الشعب الليبي الأصيل - أن نجاحكم لن يعود عليكم أنتم وحدكم بالخير, بل سترون الدول هنا وهناك تحذو حذوكم, وتقلد تجربتكم، ولا تستبعدوا وحدة رائعة بين كثير من دول العالم العربي والإسلامي، وهذا كله سيكون نتيجة عملكم وجهادكم وثباتكم، فكونوا أنتم السابقين، وضعوا أمام أعينكم قول الله تعالى: {لاَ يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [الحديد: ١٠]

فاللهم اجعل هذه الثورة في ميزان حسناتكم, واجعل كل الثورات التي تحدث بسببها في ميزانكم كذلك.

كانت هذه هي النصيحة العاشرة ..

فتلك عشرة كاملة!

أسأل الله أن ينزل عليكم ثباتًا من عنده, وأن يستعملكم لنصرة دينه, وإحقاق الحق, وإزهاق الباطل, وأن يخلص نياتكم, ويصلح أعمالكم, ويحسن خواتيمكم, ويهلك عدوكم, ويشفي صدوركم وصدور المؤمنين ..

إنه ولي ذلك والقادر عليه ..

وأسأل الله أن يُعِزَّ الإسلام والمسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>