خامسًا: انشروا روح الأمل والتفاؤل بين الناس, وعيشوا في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تطمئن قلوبكم، وتبشركم بمستقبل واعد لهذه الأمة, وإياكم والإحباط؛ فإن المحبَطين لا يُغيِّرون، واليائسين لا ينتصرون.
وعليكم بنشر أخبار انتصاراتكم ولو كانت جزئية يسيرة, وتناقلوا أخبار معاناة عدوكم, وكذلك أخبار تحلُّل قوتهم وانفصال الأفراد والهيئات عنهم. كما أن عليكم أن تتابعوا لهفة المسلمين عليكم, وتأييدهم لكم, وقَلَّ الآن أن تسمع خطبة جمعة أو درس إلا ويكون في ختامه دعاء لكم, كما أن صورتكم في عيون الغرب صارت عظيمة, ولقد كنتُ في إيطاليا منذ عدة أيام, ورأيت انبهار الشعب الإيطالي بشجاعتكم, ومع أن برلسكوني صديق للقذافي, إلا إن هذا لم يمنع وسائل الإعلام من إبداء استنكارها الشديد لجرائم القذافي البشعة, وهذا كله يصبُّ في النهاية في مصلحتكم, فأبشروا.
سادسًا: استلهموا تاريخ أجدادكم الأشاوس, لقد حارب أجدادكم الكرام عدوكم الإيطالي السنوات والسنوات, وقدموا الشهداء والتضحيات، وأذاقوا الجيش الأوربي آلامًا عميقة، ويكفي أن تراجعوا قصة جدكم الشهيد عمر المختار رحمه الله؛ لتروا كيف تحقَّق لكم النصر في النهاية بعد رحلة طويلة من الجهاد والكفاح.
لقد رأيتم في تاريخكم أن النصر يأتي مع الصبر, فاقرءوا تاريخكم جيدًا، بل واقرءوا تاريخ كل حركات التحرر في الدنيا, فهذا - لا شكَّ - سينفعكم أشد النفع. وأنصح أيضًا بقراءة متأنية لثورة تونس ثم ثورة مصر؛ فالظروف تتشابه في أمور كثيرة, وجميل جدًّا أن تبدءوا من حيث انتهى الآخرون, وأن تستفيدوا من إيجابياتهم, وتتجنبوا سلبياتهم .. وعمومًا فقراءة التاريخ تضيف إلى أعمارنا أعمارًا، وتضع لنا في طريق المستقبل أنوارًا.
سابعًا: اعلموا أن من يقوم بنصف ثورة فهو يحفر قبره بنفسه!
فلا بُدَّ لكم - وليس لكم اختيار- من إكمال المسيرة، ولا بد أن تضعوا هدفًا واحدًا واضحًا أمامكم, ولا تكثروا من الأهداف فتتشتتوا, وهذا الهدف الواحد هو إقصاء القذافي عن الحكم, ولا تفكروا في شيء آخر الآن, ولا تكثروا من الرموز التي تريدون إسقاطها, ولا الأحلام التي تريدون تحقيقها؛ حتى لا يأخذكم عدوكم في مسالك متشعبة, أو طرق جانبية. ولعل هذا الدرس كان من أروع الدروس في الثورة المصرية حيث كان هدف إقصاء الرئيس حسني مبارك هدفًا واحدًا واضحًا للثورة, وتهاوت إلى جواره الأهداف الأخرى من الإصلاحات الكبيرة والصغيرة؛ ولذلك لم يستطع النظام أن يضحك على الشعب أو يخدعه، فلم تسكن حركة الثوار أو تهدأ عندما بدأ الرئيس في نزع بعض رموز السلطة من أماكنها، أو القيام ببعض التعديلات والتطويرات, وإنما كانت الرسالة واضحة, وهي أن لنا مطلبًا واحدًا, وبعده يمكن أن نتكلم في بقية الأمور.
واعلموا أيها الشعب العظيم أن بقاء القذافي في كرسيه سيعني مجزرة أكبر من التي حدثت عشرات المرات؛ فلا تتركوه في مكانه أبدًا.
ثامنًا: احترسوا من الغرب الأوربي والأمريكي ..