ويتضمن الكتاب أيضا جمعا للأدلة العقلية الواقعية التي يثبت من خلالها بطلان نظرية التفكيك التي نادى بها عدد من الفلاسفة الحداثيين, ويشتمل الكتاب أيضا على حشد كبير لأقوال عدد من كبار المفكرين العرب أقروا فيها بالمأزق المنهجي الذي وقع فيه الخطاب الحداثي.
الكتاب الحادي عشر: القرآن الكريم والقراءة الجديدة, دراسة تحليلية نقدية لإشكالية النص عند محمد أركون, ومؤلفه: د. الحسن العباقي.
يقف الكتاب من أول صفحاته وقفة جادة وصارمة مع المشروع الأركوني, ويواجهه بأسئلة واعتراضات شرعية وتاريخية وعقلية عديدة, يشكف من خلالها القفزات الهائلة التي وقعت من أركون في بناء مشروعه النقدي, وهو كتاب نقدي تساؤلي من أوله إلى آخره, ويكاد يستوعب المواد الثلاث المكونة للمشاريع النقدية.
فقد وقف مع أركون في كثير من المضامين المعرفية التي نسبها إلى التراث، وبين كيف أن توصيفه لها لم يكن صحيحا, وخاصة مما ادعى فيه أركون بأنها من اللامفكر فيه.
وقام بحصر تعاملات أركون مع القرآن الكريم وقدم حولها تساؤلات منهجية تضرب في العمق, وتكشف مقدار الخلل المنهجي الذي وقع فيه.
وحكام النتائج التي توصل إليها إلى العقل والمبادئ الفطرية، وكشف عن مخالفتها الظاهرة لذلك.
وأظهر في أثناء الكتاب عددا غير قليل من التناقضات التي وقع فيها أركون, وبين أبعادها على فكره ومشروعه.
الكتاب الثاني عشر: الغارة على التراث الإسلامي, ومؤلفه: جمال سلطان.
يحتوي هذا المؤلف - مع صغر حجمه - على مادة علمية جيدة تساعد بشكل كبير على انعتاق عقلية القارئ من ذلك الزخم الكبير الذي أحيطت به المشاريع الحداثية، فقد جمع عددا من الاعتبارات التي تؤكد قيمة التراث, وضرورة الصرامة المنهجية في التعامل معه، وسلط الأضواء على الأمور التي تبرز خصوصيات التراث الإسلامي عن غيره, وأشار إلى آثار القفز على هذه الخصوصية، ونبه على غياب الأبجديات المنهجية في الدراسات التراثية المعاصرة، وأولى قضية الإسقاط المنهجي اهتمام خاصة، وضرب أمثلة على التزوير التاريخي في تلك الدراسات
في تصوري أن الوقوف على هذه المؤلفات واستخلاص ما اشتملت عليه من رؤى نقدية من أقوى ما يؤسس العقلية النقدية, ومن أصلب ما يحقق التوازن الفكري في التعامل مع المنتج الحداثي. وبلا شك فهناك مؤلفات أخرى تحتاج إلى إبراز وتتطلب تسليط الأضواء عليها, ولعل ذلك يكون في مناسبات أخرى إن شاء الله تعالى.