يقول آفي ديختر وزير الأمن الصهيوني في محاضرة ألقاها في ٤ سبتمبر ٢٠٠٨ في معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي:
(يتساءل البعض في إسرائيل: لماذا نهتم بالسودان ونعطيه هذا القدر من الأهمية؟ ولماذا التدخل في شئونه الداخلية في الجنوب سابقًا وفي الغرب (دارفور) حالياً طالما أن السودان لا يجاورنا جغرافيا، وطالما أن مشاركته في إسرائيل معدومة أو هامشية وارتباطه بقضية فلسطين حتى نهاية الثمانينات ارتباطا واهيا وهشا؟
وحتى لا نطيل في الإجابة يتعين أن نسجل هنا عدة نقاط محورية تكفي لتقديم إجابات على هذه التساؤلات:
* السودان بموارده ومساحته الشاسعة وعدد سكانه كان من الممكن أن يصبح دولة إقليمية قوية منافسة لدول عربية رئيسة مثل مصر والعراق والسعودية.
* لا يجب أن يسمح لهذا البلد رغم بعده عنا أن يصبح قوة مضافة إلى قوة العالم العربي لأن موارده إن استمرت في ظل أوضاع مستقرة ستجعل منه قوة يحسب لها ألف حساب.
* لا بدَّ أن نعمل على إضعاف السودان وانتزاع المبادرة منه لبناء دولة قوية موحدة رغم أنها تعد بالتعددية الاثنية والطائفية.
وراح ديختر يورد المعطيات عن وقائع الدور الإسرائيلي في إشعال الصراع في جنوب السودان انطلاقاً من مرتكزات قد أقيمت في إثيوبيا وفي أوغندا وكينيا وزائير سابقاً، الكونغو الديمقراطية حالياً.
وقال: (إن جميع رؤساء الحكومات في إسرائيل من بنجوريون وليفي أشكول وجولدا مائير وإسحاق رابين ومناحم بيجين ثم شامير وشارون وأولمرت تبنوا الخط الاستراتيجي في التعاطي مع السودان الذي يرتكز على تفجير بؤرة أزمات مزمنة ومستعصية في الجنوب وفي أعقاب ذلك في دارفور).
* ما أقدمنا عليه من جهود على مدى ثلاثة عقود يجب أن لا يتوقف لأن تلك الجهود تضع نصب أعينها أن السودان ضعيف ومجزأ وهش أفضل من السودان قوي وموحد وفاعل.
* من واجبنا الأدبي والأخلاقي أن ندعم تطلعات وطموحات سكان الجنوب ودارفور. حركتنا في دارفور لم تعد قاصرة على الجانب الرسمي وعلى نشاط أجهزة معينة. المجتمع الإسرائيلي بمنظماته المدنية وقواه وحركاته وامتداداتها في الخارج تقوم بواجبها لصالح سكان دارفور.
* الموقف الذي أعبر عنه بصفتي وزيراً إزاء ما يدور في دارفور من فظائع وعمليات إبادة ومذابح جماعية هو موقف شخصي وشعبىي ورسمي.
* من هنا نحن متواجدين في دارفور لوقف الفظائع وفي ذات الوقت لتأكيد خطنا الإستراتيجي من أن دارفور كجنوب السودان من حقه أن يتمتع بالاستقلال وإدارة شؤونه بنفسه ووضع حد لنظام السيطرة المفروض عنوة من قبل حكومة الخرطوم.
* لحسن الطالع أن العالم يتفق معنا من أنه لا بد من التدخل في دارفور سياسياً واجتماعياً وعسكرياً. الدور الأمريكي في دارفور دور مؤثر وفعال ومن الطبيعي أن يسهم أيضا في تفعيل الدور الإسرائيلي ويسانده.
* صانعوا القرار في إسرائيل كانوا من أوائل المبادرين إلى وضع خطة للتدخل الإسرائيلي في دارفور ٢٠٠٣ والفضل يعود إلى رئيس الوزراء السابق إرييل شارون، في كلمة ألقاها خلال اجتماع الحكومة في عام ٢٠٠٣ (حان الوقت للتدخل في غرب السودان وبنفس الآلية والوسائل وبنفس أهداف تدخلنا في جنوب السودان).
* وعندما سئل ديختر: ما هي نظرته إلى مستقبل السودان على خلفية أزماته المستعصية في الجنوب وفي الغرب والاضطراب السياسي وعدم الاستقرار في الشمال وفي مركز القرار الخرطوم؟ - هذا السؤال طرحه نائب وزير الدفاع السابق جنرال الاحتياط إفرايم سنيه رد ديختر على هذا السؤال: (هناك قوى دولية تتزعمها الولايات المتحدة مصرة على التدخل المكثف في السودان لصالح خيارات تتعلق بضرورة أن يستقل جنوب السودان وكذلك إقليم دارفور على غرار استقلال إقليم كوسوفو).