للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* السودان في ظل أوضاعه المتردية والصراعات المحتدمة في جنوبه وغربه وحتى في شرقه غير قادر على التأثير بعمق في بيئته العربية والأفريقية؛ لأنه متورط ومشتبك في صراعات ستنتهي إن عاجلاً أو آجلاً بتقسيمه إلى عدة كيانات ودول، مثل يوغوسلافيا التي انقسمت إلى عدة دول: البوسنة والهرسك وكرواتيا وكوسوفو ومقدونيا وصربيا، ويبقى السؤال عالقا متى؟) (١)

بعد هذه النقولات الهامة والخطرة يأتي سؤال هام:

هل سيعقب الانفصال ازدهار ورخاء كما يتمنَّى ويمنِّي البعض ويكون بين الشمال والجنوب التعايش وحسن الجوار أم سيكون الأمر عكس ذلك؟

والإجابة عليه تكون من خلال التتبع والاستقراء للاتفاقية والمخاض العسير الذي لا زالت تمر به مع استصحاب النقولات السابقة.

فالاستقرار والازدهار في السودان الشمالي بعد إعلان الانفصال قد يكون سراباً بقيعة، حسبته الإنقاذ ماءً حتى إذا جاءته لم تجده شيئاً!

إنَّ عملية انفصال الجنوب ليست بمثل هذه البساطة التي توحي بها أحاديث البعض، كما أنَّ آثارها لن تتوقف عند جنوب السودان أو شماله بل سوف تشمل وتؤثر على دوائر أكثر اتساعاً بكثير، وستبدأ الحلقة الثانية من مسلسل السودان الجديد (٢).

لذا فإنَّ الواجب المحتم على الغيورين والحادبين أن ينظروا النظر العميق وبأقصى درجةٍ من الوضوح والموضوعية في مآلات هذا الوضع الحرج والخطر في آنٍ واحد، ومن ثمَّ تحديد خطوات عملية لمواجهة هذا المستقبل وإدارة الصراع مع الخصوم بمنهجيةٍ سياسيةٍ إسلاميةٍ شرعية.

وقد أحسن الطيب زين العابدين في سرد المآلات والمخاطر والمحاذير الناجمة عن انفصال الجنوب وهذه نبذ ومقتطفات مما كتبه (٣):

التحديات الأمنية:

هناك ستة تحديات أمنية متوقعة يُخشى منها على استقرار السودان في الشمال والجنوب إذا ما وقع الانفصال بين الإقليمين:

١ - حرب بين الشمال والجنوب بسبب الاختلاف على ترسيم الحدود في منطقة أبيي أو غيرها من حدود ١٩٥٦م التي لم تحسم بعد، أو تنفيذ قانون الاستفتاء حول تبعية أبيي أو القبول بنتيجته، أو عدم الاتفاق على حل قضايا ما بعد الانفصال التي نصَّ عليها قانون الاستفتاء: الجنسية، العملة، الخدمة العامة، الوحدات المدمجة، والأمن الوطني والمخابرات، الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، الأصول والديون، حقول النفط وإنتاجه وترحيله وتصديره، العقود والبيئة في حقول النفط، المياه، الملكية، أي مسائل أخرى يتفق عليها الطرفان. اهـ.

واحتمالية هذه الحرب كبيرة فقد كشفت تقارير الدوائر الغربية مؤخرا أن سنوات الهدنة الخمس الماضية تم استغلالها بشكل ملفت للانتباه في تسليح الجنوب وتأهيل ما يسمى الجيش الجنوبي والذي لم يدمج حتى الآن في الجيش المركزي للدولة حيث وصل الأمر إلى إنشاء قوات جوية وبحرية وبرية وقواعد عسكرية بلغت تكاليفها بحدود ٢,٥ مليار بدعوى تحديث قوات الجنوب, ناهيك عن مساعدة دول الجوار الأفريقي في الدعم العسكري للمتمردين مثل إثيوبيا وأوغندا وغيرها من خلال سفن الأسلحة المحملة للمتردين في جنوب السودان والتي تم اختطافها قبالة السواحل الصومالية.


(١) انظر الموقع الإلكتروني لمركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية / مقال السودان في عيون صهيونية /إعداد محمد سيف الدولة - ١٧/ ٥/٢٠٠٩م
(٢) السودان الجديد باختصار يعني تفكيك النموذج الإسلامي العربي، وإعادة تشكيل السودان وفق (أفريقانية الهوية وعلمانية الدولة).
(٣) تداعيات انفصال جنوب السودان مقال منشور في موقع الجزيرة نت.

<<  <  ج: ص:  >  >>