للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا يتبين أن أموال الحسابات الجارية هي مما يمثل قطب الرحى بالنسبة لموارد البنوك ومحور نشاطاتها في المجال الاقتصادي والتجاري وفي ميادين أنشطتها الأخرى.

المبحث الثالث: التكييف (التخريج) الفقهي للحسابات الجارية:

اختلفت آراء الفقهاء والباحثين المعاصرين في التكييف الفقهي للحسابات، ومما يلي عرض للخلاف:

أولاً: الأقوال في المسألة:

القول الأول: إنها قرض؛ فالمودع هو المقرض، والمصرف هو المقترض.

وهذا قول أكثر الفقهاء والباحثين المعاصرين (١)، وهو رأي مجمع الفقه الإسلامي المنبثق من منظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، ونص عليه بالقرار رقم ٨٦ (٣/ ٩) في دورته التاسعة المنعقدة في أبي ظبي ١ - ٥ ذي القعدة ١٤١٥هـ، وفيما يلي نص القرار:

"إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره التاسع بأبي ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة من ١ - ٦ ذي القعدة ١٤١٥هـ، الموافق ١ - ٦ نيسان (أبريل) ١٩٩٥م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع الودائع المصرفية (حسابات المصارف)، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي:

أولاً: الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية)، سواء أكانت لدى البنوك الإسلامية أو البنوك الربوية هي قروض بالمنظور الفقهي، حيث إن المصرف المستلم لهذه الودائع يده يد ضمان لها وهو ملزم شرعاً بالرد عند الطلب، ولا يؤثر على حكم القرض كون البنك (المقترض) مليئاً (٢).

القول الثاني: إنها وديعة بالمعنى الفقهي، وقال به بعض الباحثين المعاصرين (٣)، وبه أخذ بنك دبي الإسلامي (٤).


(١) ينظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي (٩/ ١/٧٣٠، ٧٧٧، ٨٠٢، ٨٣٨، ٨٨٣، ٨٨٨، ٨٩٠، ٩٠٦)، حكم ودائع البنوك وشهادات الاستثمار في الفقه الإسلامي، د. علي السالوس (ص٥٢، ٥٥) بحوث في المعاملات المصرفية، د. رفيق يونس المصري (ص٢٠٣)، موقف الشريعة الإسلامية من المصارف المعاصرة، د. عبد الله العبادي (ص١٩٨، ١٩٩)، المصارف والأعمال المصرفية في الشريعة الإسلامية والقانون، د. غريب الجمال (ص٥٩)، الشامل في معاملات وعمليات المصارف الإسلامية، د. محمود عبد الكريم الرشيد (ص١٥٩، ١٦٠)، الربا والمعاملات المصرفية في نظر الشريعة الإسلامية، د. عمر المترك (ص٣٤٦)، النظام المصرفي الإسلامي، د. محمد أحمد سراج (ص٩٣)، الودائع المصرفية، أحمد بن حسن الحسني، المعاملات المالية المعاصرة في الفقه الإسلامي، د. محمد عثمان شبير (ص٢٢٢).
(٢) قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي، الدورات ١ - ١٠، القرارات ١ - ٩٧، (ص١٩٦)، مجلة المجمع، العدد التاسع، الجزء الأول (ص٩٣١).
(٣) وممن قال بهذا القول: الدكتور: حسن عبد الله الأمين في كتابه (الودائع المصرفية النقدية ص٢٣٣)، والدكتور عيسى عبده (مستشار سابق لبنك دبي الإسلامي) في كتابه العقود الشرعية الحاكمة للمعاملات المالية المعاصرة (ص١١٣)، نقلاً عن: د. رفيق المصري في كتابه (بحوث في المعاملات المصرفية) (ص١٩٣)، والدكتور عبد الرزاق الهيتي في كتابه (المصارف الإسلامية بين النظرية والتطبيق) (ص٢٦١)، والدكتور أحمد عبيد الكبيسي في بحثه المقدم لمجمع الفقه الإسلامي (مجلة المجمع ٩/ ١/٧٥٥).
(٤) نصت المادة ٥٣ من النظام الأساسي للبنك الذي تأسس عام ١٣٩٥ - ١٩٧٥م على أن البنك يقبل نوعين من الودائع:
١ - ودائع بدون تفويض بالاستثمار: وتأخذ صورة الحسابات الجارية ودفاتر الادخار المعمول بها في النظم المصرفية المعاصرة، وهذه تأخذ حكم "الوديعة" المعتمدة في الشريعة الإسلامية.
ينظر: بحوث في المصارف الإسلامية، د. رفيق المصري (ص١٩٠) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>