وهذا نوع من تغير النية، وتكدر مزاهرها، حيث يبلغ العالم مبلغاً عظيماً، وينزل منزلاً كريماً، فيشعر بنشوة روحية، تجعله يعجب بما يحقق وينجز!!
فينقطع عن خيراته السابقة، ويعيش على أركان الشهرة الجديدة، التي جعلت منه أحد نجوم الفضائيات، فيبدأ يختط طرقاً جديدة، ويصدر فتاوى غريبة، ومواقف غير سديدة، وقد قال الإمام أحمد رحمه الله: (أريد أن أكون في شعب بمكة حتى لا أًعرف، قد بليت بالشهرة إني أتمنى الموت صباحاً ومساءً)
وجاء عن إبراهيم بن أدهم رحمه الله (ما صدقَ اللهَ عبُد أحبَّ الشهرة)
حيث يدرك هؤلاء العلماء مخاطرها، وآثارها اللهيبة على العالم القدوة ومجده الديني، وإخلاصه الخصيب.
٢) اعتقاد الراحة التامة: قال تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: ٩٩].
لا يمكن لعقلاء العلماء والفقهاء، أن يستريحوا من عناء الرحلة ومشاق البذل والتوجيه، لأنهم في جهاد دائم، وفي جلاد مستميت، لا سيما والأمة ضعيفة، ولازالت محتاجة إلى علمهم وتوجيهاتهم، فاعتقاد الراحة بعد طول المدة، وبدو الإنجازات، مفض إلى الاستضعاف والسكون، والظهور بوجه جديد، وطرح مغاير، لا سيما والفتن خطافة، والتيارات زاحفة والله المستعان، قال تعالى: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} [البقرة:٦٣].
٣) الركون إلى الدنيا: قال تعالى: {فَمَا آتَانِي اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ} [النمل: ٣٦].
كثيراً ما تكون مفاتن الدنيا مزلة أقدام العلماء والصلحاء إلا من عصمة الله تعالى.
ولهذا صح قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن مما أخاف عليكم من بعدي ما يُفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها))
يفتح على بعضهم الوان المال، وبروق التجارة، وكثرة المباحات والمرفهات، فيميل إليها ميلاً، تضر سمعته، وتعكر درسه ومنهاجه، وقد صح قوله صلى الله عليه وسلم: ((أكثر منافقي أمتي قراؤها))
٤) ولوج الشبهات: قال تعالى: {كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً} [المؤمنون: ٥١].
الشبهات أمور دائرة بين الحل والحرمة، تخفى على كثير من الناس، لكن يمهرها حذاق أهل العلم، ومن مهرها، قد يتساهل في التباعد عنها، فيقارفها بحجة الشيوع والغلبة، أو ما يسمى عموم البلوى، أو أنه سيمحوها بغلبة حسناته!! ويجره ذلك إلى استطابة المكروهات، ومن ثم التورط في بليات عظمى، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام كما في حديث النعمان بن بشير رضى الله عنهما:
(وبينهما أمور متشبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع
ويروى عن عمر رضى الله عنه: (من أقام نفسه مقام التهم فلا يلومن من من أساء به الظن)
٥) التأكل بالماضي: قال تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلْ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} [الحجرات: ١٧].
ينتج عن الارتياح التام، العيش على مباهج حياة الشباب، من صدق، وصدع، وجد وعطاء سابق، إلى عدم مضاعفة الجهد، والشعور بكثرة الأعباء، وأنه يحتاج إلى مزيد الراحة ومزيد التأمل والابتكار لأحوال تأثيرية جديدة! وهذا قد يكون مزلقاً شيطانياً، وحيلة نفسية تؤدي بصاحبها، وتورثه الكسل وتلبسه التراخي والإهمال.
٦) الاغترار بالظالمين: قال تعالى: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ} [هود:١١٣].