وهو الآتي في سياق غريب يقفو العجائب، ويحمل الشواذ ويتتبع الرخص، ويستظل بمظلة الذوبان والانهزام، ويخرج عن إرادة الأمة المسلمة، فضلاً عن جمهرة العلماء الراسخين، وقد قال الامام أحمد رحمه الله للميموني:
(إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام)
وقال الناظم: ونزه النفس فلا تشذَّا كذا الترخص ورعاً ونبذاً.
ويقصد هنا الاجتهادات التي تكون في دائرة الشذوذ والأخطاء، ولا يدعمها النظر الشرعي، ويحفها شئ من الاندفاع أو الاغترار أحياناً!! وقد يجعلها صاحبها في إطار التجديد الفقهي، والتفاعل المجتمعي الذي تفرضه المرحلة .. ومن الأمثله هنا: تجويز هجرة الفلسطينيين من أراضيهم لشدة العنت عليهم، وبشبه ذلك منع مقاومة الاحتلال الأمريكى في العراق وأفغانستان بحجة حقن الدماء، ووجود حاكم من الاحتلال، أو ظهور فضلاء الدعاة في قنوات خليعة ذات بعد فكري واستراتيجي هادم، أو الظهور في قنوات صهيونية، وهو الشائع مؤخراً، وتناسي أنه صورة للتطبيع الذي هو من آخر الأوراق البا! قية في أيدي الأمة، وخرقه يعني انكسار الحاجز النفسي لدى الشعوب العربية تجاه الصهيونية الغاصبة. (فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ)(التوبة:٩٥).
(١٥) امتهان القيمة العلمية
يعمد بعض الفضلاء إلى امتهان ونسيان المجد العلمي، والقيمة الفقهية والدعوية الشريفة، التي بوّأه الله تعالى فيقارف أخطاء، ويلم بشبهات، وينزلق في مباحات، ترفع عنها عوام المسلمين!! وهو لايرى فيها غضاضة، فيراه بعض الناس، وتنشر ذلك وسائل الاعلام!! فيفقد شيئا من شعبيته ولموعه، أو ربما طلَع علينا بتعليق حماسي، أو اجهاد جديد، يسوِّغ مثل ذلك! وينسى أن العلماء والقدوات، والدعاه الربانيين لهم (وضع خاص)، ومنزلة رفيعة، ما ينبغى لهم نسيانها أو استسهالها، حتى مما يتعلق بالمروءه، التي منها أشياء لا تلامس المحرمات! ولكنها مروءة، يهتم بها المشاهدون والمتاب! عون ولذلك قال أبو عمروالأوزاعي رحمه الله.
(كنا نضحك ونمزح، فلما صرنا يُقتدى بنا خشيت أن لا يسعنا إلا التبسم)
فالعالم المقتدى به محل نظر الناس ورصدهم، وكل أقواله وحركاته محفوظة متبوعة، فيجب عليه صون ذلك، لأنه يحظى بوسام علمي وذاتي!! مهما أظهر تواضعه، وعزفه على بشريته! فإنه ركن الدين ومنارته، ويسوغ لغيره ما لا يسوغ له! فكل تساهل وهفوة تشوه الوسام العلمي، وقيمته، كالنكته السوداء تتعاظم مع مرور الأيام، والله المستعان ..