للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن تيمية - رحمه الله -: «كل من بلغته دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى دين الله الذي بعثه فلم يستجب له، فإنه يجب قتاله حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ... » (١).

وأخيراً: فإن على القارئ أن يستصحب أن تراث ابن تيمية يحوي مجاميع متنوعة، ومجلدات كثيرة، بل هو أشبه بالموسوعات المتعددة؛ فلا غرو أن يقع اشتباه وإشكال في مواطن من هذه المؤلفات، أو تَرِدَ عبارات محتملة أو موهمة؛ ومسلك العلم والعدل يقتضي أن يؤخذ بكلام المؤلِّف كله، ويردَّ ما كان مشتبهاً ومجملاً إلى ما كان واضحاً مفصَّلاً؛ فلا يُحتَجُّ بالأغرب منها علي الأغلب، ولا يُشغَب بالمغمور على كلامه المشهور (٢).

كما يتعيَّن على أهل السُّنة أن يحققوا الرسوخ في العلم الشرعي، وإحكام منهج السلف، وتحرير مسائل الاعتقاد، والتهيؤ التام لمدافعة الشغب على مذهب السلف، وإبراز القواعد الكلية والأجوبة المتينة تجاه شبهات وأغاليط المخالفين؛ فإن هذا الحِجاج والجدال من أعظم القربات وآكد الحاجات. «قال تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ} [الأنعام:٨٣]. قال زيد بن أسلم وغيره: بالعلم؛ فالعلم بحُسْنِ المحاجَّة مما يرفع الله - تعالى - به الدرجات» (٣).

«فقصة إبراهيم في العلم بالحجة، والمناظرة لدفع ضرر الخصم عن الدين، والمقصِّرون عن علم الحُجَجِ والدلالات مقهورون مع هذا الصنف، تارة بالاحتياج إليهم إذا هجم عدو يفسد الدين بالجدل، وتارة بالاحتياج إليهم لتخليص بعضهم من شرِّ بعضٍ في الدين، وتارة يعيشون في ظلِّهم في مكان ليس فيه مبتدع يستطيل عليهم، وما ذاك إلا لوجود علماء الحجج الدافعة لأهل البدع» (٤).


(١) مجموع الفتاوى: ٢٨/ ٣٤٩.
(٢) انظر المدخل إلى آثار ابن تيمية، ص ٧٦ - ٧٨.
(٣) بيان تلبيس الجهمية: ١/ ٤٩٣.
(٤) مجموع الفتاوى: ١٤/ ٤٩٣، ٤٩٤ باختصار

<<  <  ج: ص:  >  >>