الرمز رقم واحد في علم التفسير في الصحوة الإسلامية هو الشيخ "محمد الأمين الشنقيطي" صاحب أضواء البيان، وهو موريتاني الأصل، وقد كان مشايخنا يتنافسون في الأخذ عنه، فلازمه بكر ابوزيد عشر سنين، بل إن الشيخ حمود العقلا الشعيبي كان في وقت طلبه للعلم علماء كبار مثل الشيخ محمد بن ابراهيم وابن باز والشيخ عبدالعزيز ابن رشيد والخليفي ونحوهم، ومع ذلك وبرغم أنه أخذ عنهم إلا أنه أقبل كلياً على الشيخ الشنقيطي وكان يدرس عليه في الكلية، ثم يذهب إلى بيته يومياً ويدرس عليه الأصول (الروضة) والمنطق (سلم الأخضري) وغيرها، ولذلك سئل الشيخ حمود (لماذا هذه العناية بالدراسة على الشيخ الشنقيطي بالذات؟) فكان جوابه (الشيخ محمد هو شيخي وإمامي في كل شيئ، وكان من خيرة العلماء علما وورعا وزهدا) رحمهما الله كلاهما، بل إنه في كثير من البحوث العقدية التي ثارت مؤخراً حول الحاكمية والإرجاء وغيرها، كان كل من الطرفين يفرح إذا ظفر بنص للشيخ الشنقيطي، فإذا كان هؤلاء أبناء البلد يحتجون على بعضهم بنصوص لعالم موريتاني فكيف يقال أن الصحوة الإسلامية إقليمية أو مناطقية؟!
خذ نماذج أخرى على سبيل الاختصار: هذا الشيخ عبدالرزاق عفيفي (مصري) وقد كان ركن اللجنة الدائمة، وهي أهم مؤسسة فتوية في السعودية، وكان الشيخ ابن باز يرتاح كثيراً لتحريراته، وافحص فتاوى اللجنة الدائمة لتجد هذا الحضور الكثيف للشيخ عبدالرزاق، واسأل طلاب العلم الذين أدركوه وكيف دهشتهم من ذكائه رحمه الله.
وتأمل الدراسات الجامعية في السعودية في الحقبة السابقة ستجد أن أكثر شخصية معاصرة احتج الباحثون بأحكامه الحديثية هو الشيخ محمد ناصر الدين الألباني (وهو ألباني سوري)، بل إن بعض الباحثين الذين كتبوا في دراسة الظاهرة السلفية المعاصرة جعلوا الألباني أحد أهم ثلاثة مرجعيات شرعية للسلفية، فكيف توصم الصحوة بالقطرية وثالث ثلاثة فيها ليس سعودياً أصلاً؟
دعنا الآن من ذكر شخصيات ذات وزن مركزي وثقل عميق داخل وجدان الصحوة الإسلامية وهي خارج المناطق المزعوم تمييزها، ولننتقل إلى احتجاج أكثرة قوة من ذلك، وهو موقف الإسلاميين في حال المقارنة والموازنة والمواجهة بين طرفين من الشخصيات محل الدعوى:
لقد كتب بعض أهل العلم في السعودية فتاوى ورسائل ضد كتب سيد قطب بسبب بعض الهنات فيها، ومع ذلك وقف جمهور الصحوة الإسلامية مع سيد قطب، لا مع شيوخهم، وسيد قطب مصري، واستمروا يتواصون بكتبه، فبالله عليكم أين القطرية المزعومة؟
تهجم محمد بن عبداللطيف آل الشيخ (وأسرة آل الشيخ معروف وزنها الديني والسياسي ومن منطقة نجد) على الشيخ محمد المنجد (وهو سوري الجنسية) ومع ذلك وقفت الصحوة الإسلامية عن بكرة أبيها مع الشيخ المنجد ضد محمد آل الشيخ، ليس ذلك فقط بل ليتك ترى الشباب السعودي من الحجاز ونجد والأحساء يثني ركبه في دروس الشيخ محمد المنجد، ويلتف حوله بعد صلاة الجمعة يستفتيه في دقائق أموره، لماذا؟ لأن معيار الصحوة الإسلامية هو (العلم والديانة) وليس النسب والإقليم كما يزعم الشانئون.