هذا أحمد الكاتب (عاقل المرة) بالتعبير العامي؟! فكيف بمن هو دونه؟! ومع ذلك فله كلام فيه تراجع مجمل عن هذا التقرير، ولايزال فيه إشكالات.
والمراد أن جماهير رموز الشيعة اليوم مرتبتان: إما غارق في تحسين الاستغاثة بأئمة آل البيت، وإما يقول لك: لا نحن لانرى الاستغاثة بغير الله، وهي شئ غير جيد.
هكذا فقط، أما أن تجد رمزاً دينياً للشيعة يقول لك: من استغاث بالحسين فهو مشرك، والاستغاثة بغير الله من نواقض الإسلام، فهذا من النادر، وماحال من يستنكر الاستغاثة بغير الله دون أن يقر بكونها شرك وناقض من نواقض الإسلام، إلا كمن يقول لك: (أنا لا أزني، ولا أحبذ الزنا، والزنا عموماً شئ غير جيد)! فمالفائدة إن لم يعتبرها كبيرة من كبائر الذنوب؟! بل من فعل الزنا مع إقراره بكونه كبيرة هو خير ممن ترك الزنا مع جحد تحريمه.
وأتذكر أنه في أعوام ١٤١٥هـ ومابعدها نشط كثير من دعاة الصحوة في إلقاء المحاضرات التبي تبين للشباب أن هناك كثيراً من السعوديين في مناطق المملكة واقعون في ألوان من الشركيات بسبب البعد عن مراكز المدن الكبرى، فكان "شباب الصحوة" المباركين يهبون فرقاً وآحاداً يذرعون أرجاء المملكة يلقون الكلمات عن قوادح التوحيد، يستنقذون الناس من حبوط أعمالهم ومن المصير الأخروي البائس الذي ينتظر المشركين (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الزمر:٦٥]
والحديث عن كارثة الشركيات في هذا العصر، وكيف استغل دعاتها بعض المؤسسات الحكومية في الخليج والمغرب العربي، وكيف صارت بعض النظم السياسية الفاسدة تدعمهم في مواجهة مايسمونه الإسلام السياسي (وليس هناك إسلام سياسي بل الإسلام شامل)، وكيف صارت لهم فضائيات يروجون بها أفكارهم الخطيرة في باب الألوهية؛ ليس هذا موضعه، وإنما أردت فقط أن أضع المتسائلين عن منجزات الصحوة أمام سؤال واضح وبسيط:
بالله عليكم هل سبق لكم أن رأيتم علمانياً أو ليبرالياً أوتنويرياً أو ديمقراطياً أو إصلاحياً سياسياً يؤلف الرسائل في مناقشة شبهات الوثنية؟ ويتحرق في دعوة الناس إلى إفراد الله بالعبادة؟
اسألوا أنفسكم وأجيبوا: من الذي قاد حملة إشعال الوعي المعاصر بأهمية التوحيد وخطر صور الشركيات؟ أليست الصحوة الإسلامية؟
أما إن كنتم ترون أن هذه القضية (التوحيد والشرك) قضية هامشية، وشغلات وعاظ، واهتمامات دراويش، وإشكاليات البسطاء من الناس، فإن هذا يعني بكل وضوح أن مشكلتكم ليست مع الصحوة، بل مشكلتكم مع الأنبياء والرسل، ومشروعات الرسل ليست قضية غامضة ولا موضوع يحتاج لتحليل، فقد كشف القرآن بشكل متكرر عن رأس أولويات الرسل، كما قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء:٢٥]
وقال تعالى (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) [النحل: ٣٦]
بالله عليكم يامعاشر الطوائف الفكرية ألا تخجلون من الله حين تزهِّدون في الدعوة للتوحيد ومقاومة الشركيات، وأنتم ترون الله جل وعلا يظهر لنا في القرآن حبه للتوحيد وتعظيمه له، وتخصيصه أنبياءه بالدعوة إليه؟
حين أتأمل المدارس الفكرية اليوم ولا أجد فيها من يحمل راية التوحيد وتدريس الكتب الشرعية التي تقرره والرد على المبطلين فيه إلا "الصحوة الإسلامية"، فإني أتعجب من شدة توفيق الله لهذه الصحوة المباركة، ومن خذلان هذه المدارس الفكرية عن أعظم حقائق القرآن على الإطلاق.