للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ممَّا يجب أن ينتبه إليه أهل الإسلام أن الباطنية الإسماعيلية ما زالت ليومنا هذا، ولا زالوا على عقائدهم وحيلهم في استدراج الأتباع، كانوا وما زالوا عضدًا لكلِّ غازٍ يهتك بالمسلمين من التتار إلى الصليبيين، إلى الإنجليز الذين ناصَرَهم رأس الإسماعيلية بالهند أغاخان، وهم الآن بسوريا ولبنان، ويزحفون بنشاطهم نحو الدول العربية والمناطق الإسلامية التي يخبو بها نشاط دعاة السنة، بتشجيع من الدولة الخمينية التي ما فتئوا ينصاعون لها، فالدعوة الإسماعيلية الباطنية سهم مسموم يراد غرزه في جسد العالم الإسلامي، وهم يتوغَّلون في بلاد إفريقية وآسيوية عديدة مثل: كينيا وأوغندا وسيلان وبورما، ولهم مراكز ضخمة هناك.

بل سرى نشاطهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية خاصة بين الزنوج المسلمين.

ولك أن تعلم أن هذه الدعوة منبتها من الفلسفة، بل رؤوسها كلهم فلاسفة؛ لذا كبار مَن صنفوا من (فلاسفة المسلمين) (١) هم من الباطنية، وكبار أنصار الفلاسفة من العرب إمَّا عقلانيون على مذهب الاعتزال، أو ملاحدة شيوعيون أو شيعة، والشيعة هم من تغلب فيهم؛ لأنها تناسب أذواقهم وترسُّباتهم العقدية، وميراثهم الفكري، ومن أهم الدعاة العرب للفكر الباطني الإسماعيلي في الآونة الأخيرة: مصطفى غالب (٢)، وعارف تامر، ويُعَدَّان من المدافعين عن الإسماعيلية؛ معتبرين دورها فعالاً في الفكر الحضاري، بل الأول من أكبر الناشرين لكتب الفلسفة والمادحين للحركات الثورية الباطنية الشيعية، بل صنفا كتبًا للدفاع عن القرامطة والحشاشين، وجعلاها في مصافِّ الحركات الثورية التي أرادت إنشاء "المجتمع الاشتراكي المثالي"، ولعلهما يريدان المجتمع الشيوعي المزدكي؛ وهنا لم يخطئ أحد في الحكم؛ إذ الاشتراكية الشيوعية ربيبة المزدكية المجوسية الإباحية.

فالواجب المنوط بالعلماء وطلبة العلم فضح هؤلاء، وبيان كفرهم وضلالهم، وحيلهم في التصنُّع للعامة، والتملُّق للخاصة، فالجهل بهم صار مطبقًا، حتى بين مَن يتزعَّمون التيارات السياسية الإسلامية، فما بالك بالعامة الذين تأخذ بلبِّهم زخارف القول، ودعاوي الإعلام؛ من شعارات توحيد الصف، والتآلف بين المسلمين، والتطلُّع لمقاومة العدو الخارجي، وتنميق الشخصيات الشيعية، حتى أعلن بعض قادة الأحزاب الإسلامية السنية عن أحد قادة الشيعة أنه مجدِّد للعصر، وقدوة للشباب؟! وذي هي الطامة، إذا أصبح مَن يُكفِّر الصحابة قدوة للشباب المسلم فعظم على المسلمين مصابهم، وغيب عن الوعي شبابهم، فأصبح في عنق كلِّ داعية أمانة توعية المسلمين وشباب المسلمين من الأخطار الداهمة التي ذاق المسلمون ويلاتها في القديم والحديث، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

والسلام على مَن اتبع هدْي الإسلام، وسنة سيد الأنام، وهدي صحبه الكرام.


(١) ولا يصحُّ قول: فلاسفة الإسلام، فليس للدين الإلهي فلاسفة بل هو وحي، كما أن الفيلسوف لا ينطلق من الدين ليستدلَّ بل من المنطق العقلي، فلا يعلم فيلسوف اتِّخذ الدين مرجعًا للاستدلال، وهذا هو الفارق بين المتكلم والفيلسوف؛ فالأول يعتقد ثم يذهب ليبحث عن الدليل العقلي للإثبات، أمَّا الفيلسوف فيكفر بكلِّ شيء، ثم يبحث في عقله ما يبلغه اليقين، ومعلوم أن العقل بدون هداية من الوحي لن يصل إلى دين صحيح.
(٢) راجع لمصطفى غالب: "تاريخ الدعوة الإسماعيلية، الحركات الباطنية في الإسلام، القرامطة"، الحسن الصباح.
ولعارف تامر: "القرامطة"، وتحقيقه لكتاب: "الهفت والأظلة".
المصدر: موقع الألوكة

<<  <  ج: ص:  >  >>