- إلى أن قال - وليس لي قدرة أن أنتقم بيدي من هذا الساب الملعون، والله يعلم أن قلبي كارهٌ منكر، ولكن لا يكفي الإنكار بالقلب ها هنا، فأجاهد بما أقدر عليه من اللسان والقلم، وأسأل الله عدم المؤاخذة بما تقصر يدي عنه، وأن ينجِّيني كما أنجى الذين ينهون عن السوء، إنه عفوّ غفور) (السيف المسلول ص ١٣، ١٤).
فماذا يقول الشريف وأرباب الحملة (الوديعة) عن حماس السبكي - رحمه الله - في النصرة والذب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يتمنى أن يحقق تصفية جسدية لهذا الكلب؟! فهل حماس السبكي منضبط عند الشريف؟ أم يُحذر منه؟ أو يُبَلّغ عنه؟! أو يعتذر له لأجل أشعريته؟
وهاك مثالاً ثالثاً في هذا السياق، فابن عابدين الحنفي يقول - عن شقي استطال على خاتم المرسلين - صلى الله عليه وسلم -: - (وإن كان لا يشفي صدري منه إلا إحراقه وقتله بالحسام) (رسائل ابن عابدين ١/ ٢٩٣).
فابن عابدين وقد انتقد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - كما في حاشيته الشهيرة - كما انتقدها الشريف حاتم، إلا أن مسألة سب الرسول - صلى الله عليه وسلم - ظاهرة جلية .. ولذا اتفق أقوال العلماء على ذلك - سواءً ابن عابدين الحنفي، أو القاضي عياض المالكي، أو السبكي الشافعي، أو ابن تيمية الحنبلي -
فالحماس المتأجج في صدر ابن عابدين لا يشفيه إلا قتله بالحسام وإحراقه! فهل هذا حماس منضبط في لغة الشريف حاتم؟.
ساق الشريف أسطورة خيالية استوعبت ثلث المقال، وجعلها مثالاً لتقريب مطلوبه، مع أن فحوى مراده ظاهر بيِّن دون حاجة إلى الإلغاز، أو تكلّف هذه الأسطورة التي أورثت خفاء وغموضاً. ثم إن هذه الحدود المفتعلة (إقليمية أو دولية) ... يكتنفها محاذير شرعية بل إشكالات " وطنية " فمتى كانت مثالاً يقرِّب الواضح والبدهي؟.
- لما وضعت الحربُ أوزارها مع الحوثيين، فتوقف القتال، رفع الشريف صوته مطالباً بالتوقف المؤقت عن خطر التقارب! فالشريف - سامحه الله - يحاول مواكبة العصر في لغته ومخاطبته .. " نبذ الطائفية" .. " تقرير الاعتدال ... وهذا يتفق مع مقصود الملاينة والانفتاح والمرونة. لكن لا مانع لديه من التقهقر ونبش الدعوات المدفونة، مثل دعوة التقريب بين أهل السنة والرافضة، فهذه الدعوة المتعثرة قد أضحت أثراً بعد عين، والباحث الكريم / د. ناصر القفاري لما كتب أطروحته الرائعة عن فكرة التقريب بين أهل السنة والشيعة منذ أكثر من ثلاثين سنة، وزار دور التقريب في مصر، فإذا هي مقفرة ليس بها أنيس، قد أُوصدَت أبوابها، وسفتها الرياح والأعاصير.
وساق د. القفاري مختلف محاولات التقريب الفردية والجماعية، وما صاحبها من فشل وإحباط ..
فالتقريب المزعوم مردود شرعاً، وغير واقع قدراً، فعلام التعلّق بالوهم واللهاث خلف السراب؟! ولِمَ لا نبدأ من حيث انتهى الآخرون؟ ..
حبّ السلامة يثني عزم صاحبه عن المعالي ويغري المرء بالكسل
إنه الهروب عن الواقع؟ والنكوص عن الحقائق المرّة؟ ولو آل ذاك إلى أن تصم الآذان وتطمس العيون عن مكر الرافضة وكيدهم.
كنا نأمل من الشريف وقد وهبه الله علماً وشرفاً أن ترقى الهمم إلى دعوة الرافضة وسبل إنقاذهم من الزندقة والشرك، وتحرير عقولهم من رق عبادة الأئمة .. وسبل مناظرتهم، وطرائق مجادلتهم بالحسنى، وبرامج عملية للمهتدين ..