- يعمد الشريف إلى المغالطة وخلط الأوراق! فيوهم القاريء التسوية بين الأشاعرة والرافضة، وهذا جهل كثيف لا أظن الشريف تلبّس به، فأهل السنة أدرى الناس بمراتب الشرور وتفاوت البدع، وإنزال الناس منازلهم، كما جاء في حديث أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - ولم يعرف عن جمهور السلف القول بتكفير الأشاعرة، كما هو مبسوط في كتبهم، ولندع هذا الاكتشاف النادر الذي عثر عليه الشريف، فتشبث بعبارة قالها عالم غير مشهور في تكفير الأشاعرة! فلا موجب للشغب والاستطالة على أهل السنة، والنوح على الأشاعرة، فهذا المحدث (مطيار!) قد جانب الصواب في ذلك، وليت هذه الغضبة " المضرية " من الشريف حاتم طالت الأشاعرة، كما طالت أهل السنة، ففي كتب الأشاعرة المعروفة (مثل شرح الكبرى للسنوسي، وشرح جوهرة الأشاعرة للباجوري، وشرح أم البراهين للدسوقي .. ) يسوقون قولهم بتكفير العوام وعدم صحة إيمان المقلد .. بل يلزم من إيجابهم النظر أن يحكموا على سلف الأمة بالكفر!!.
- وأما تشدق الشريف بإطلاق القول أن الأشاعرة من أهل السنة، فهذه المقالة وجه آخر من وجوه الملاينة، والتودد لأهل البدع. ثم متى يكفّ الشريف عن مجاملته التي يتهم بها الآخرين؟ والأشاعرة خالفوا أهل السنة والجماعة في جملة من مصادر التلقي والاستدلال، كما خالفوا في الكثير من مسائل الاعتقاد كالصفات والقدر والإيمان ودلائل النبوة .. وغيرها كما هو مبسوط في موضعه، ومقتضى العلم والعدل ان تذكر أوجه الموافقة والمفارقة بين أهل السنة والأشاعرة, ولعل الشريف وتلاميذه يلقون نظرة على كتاب وجيز في هذا الشأن، وهو ما سطّره قلم الشيخ المحقق سفر الحوالي في "الأشاعرة ".
ثم لا موجِب للمغالطة والتباكي على علماء الأشاعرة، فأهل السنة يميّزون بين مقالات الأشاعرة، وبين أشخاصهم الذي ترد عليهم عوارض الأهلية من الجهل والتأول والغلط ونحوها ..
- تتكرر (شجاعة) الشريف فهو يقول: (لن يجامل أحداً .. !) لكنه يجامل الرافضة مجاملة فجة مُفْرِطة، فالشريف يقول: - (لا أُكفِّر من كفّر عامة الصحابة - رضي الله عنهم - (مستثنياً بعضهم) ككثير من الإمامية .. )
وإذا كان الشريف حاتم لا يكفّرهم، فإن عشرات الأئمة الأعلام والعلماء الكبار قد كفّروا الرافضة منذ مئات السنين، كالإمام مالك، والإمام أحمد، والإمام البخاري، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبي زرعة الرازي، وابن حزم، وأبي حامد الغزالي، والقاضي عياض، وابن تيمية، وغيرهم كثير - كما جاء سرد أقوال في مبحث مستقل برسالة أصول الشيعة الاثني عشرية للدكتور ناصر القفاري -.
ولم يقف د. القفاري على من لم يكفر الرافضة إلا الإمام النووي ظناً منه أنهم لا يكفرون جمهور الصحابة.
مع أن القول بتكفيرهم قبل استفحال كتب الروافض، وظهور زندقاتهم الصلعاء، كما أن الرافضة المتأخرين أشد انحرافاً من أسلافهم.
وأخيراً على الشريف أن يتخفف من هذا التوتر والنزق تجاه إخوانه أهل السنة، وأن يكف عن الاعتذار والتبرير لأهل البدع، فلا يكن للخائنين خصيماً، فأهل السنة يموتون ويبقى ذكرهم، وأهل البدع يموتون ويموت ذكرهم، فالأولون نصروا سنة سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم - فكان لهم نصيب من - قوله تعالى - {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} الشرح:٤، وأهل البدع أبغضوا السنة فلهم نصيب من - قوله تعالى- {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} الكوثر:٣.