للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (٧٢) لِيُعَذِّبَ اللَّهُ المنافقينَ والمنَافِقَاتِ، والمُشرِكينَ والمُشرِكَاتِ، ويَتُوبَ اللهُ علَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) ٧٣ من الأحزاب، قال القرطبي في تفسيرها (اللام في "ليعذب" متعلقة بـ "حمل" أي حملها ليعذب العاصي ويثبت المطيع؛ فهي لام التعليل؛ لأن العذاب نتيجة حمل الأمانة).

ومن هذه الآيات، ابتلاء الله إبراهيم في ذبح ابنه، وابتلاء المؤمنين بشيء من الصيد تناله أيديهم ورماحهم، وابتلاء المؤمنين بتسلط الكافرين على بعضهم، ولو شاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوا بعض المؤمنين ببعض ..

أين المقاصديون عن هذه الآيات التي قلما تخلوا سورة، من آياتٍ ذات دلالةٍ مشابهة؟ إنّ أعظم مقاصد الشريعة، أن يكلف الله الخلق بتكاليف؛ امتحانًا لهم، ليرى من يعظمه، ومن يجاهد في سبيله وينصره ورسله بالغيب، ولو أهلك نفسه، وماله، وعقله، وعرضه، فمجاهدة الإنسان غير الله، للعمل بمراد الله ولو كان شاقا، هو أعلى درجات تعظيم الرب وحده لا شريك له، هو أعظم ما يُعبد الله به (وما أُمِرُوا إلا ليعبدوا اللهَ مخلصين له الدين حنفاء)، (وما خلقتُ الجنَّ والإنسَ إلا ليعبدون).

<<  <  ج: ص:  >  >>