للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقصود أن القدح في مثل هذه "المحكمات الشرعية" بمثل هذه الاحتمالات غير صحيح ولا جائز، ومثل هذا "المتلاعب" بهذه المحكمات لن يعجزه أن يستحل جمهور المسكرات المعاصرة (باعتبارها خمراً من غير العنب)، وجمهور الربويات المعاصرة (باعتبارها أوراق نقدية لا ذهب وفضة)، وسائر العلاقات غير المشروعة بين الجنسين (باعتبارها نكاح متعة يشترط فيه فقط تراضي الطرفين، ولا يشترط ولي ولا شهود ولا مهر) إلخ إلخ من محرمات الإسلام، وسيجد من "المشتبهات" نظير ما وجد في مسألتنا هذه، بل أكثر من ذلك. فمن أهدر قاعدة "المحكم والمتشابه" فلن يجد مشكلة في تخريج ما شاء من آحاد الأحكام الشرعية وفق هواه، وهذه "إشكالية جوهرية" في التدين تتسلسل بالشخص إلى "الانحلال" عن ربقة التكليف، التي هي أساس التشريع، فإن مبنى الشريعة إنما جاء لإخراج العبد عن داعية هواه ليكون عبداً لله.

ومن المثير للدهشة فعلاً أن أصحاب هذا المسلك في التعاطي مع مسألة "الاختلاط" واقعون في فخ المراوحة بين "النصوصية" و"المقاصدية" بحسب ما تمليه الرغبات. فإذا كانت مقاصد الشريعة تخدم أهواءهم في قضية ما تحولوا "شاطبيين" و"طوفيين" حتى النخاع. وإذا كان الوقوف على "ظاهر النص" في قضية أخرى هو الذي يخدم أهواءهم؛ تحولوا بقدرة قادر إلى "حزميين" بل أكثر من ابن حزم ذاته!

واعتبر بحالهم في مسألتنا، فحين تسرد عليهم تلك النصوص الشرعية الجزئية الدالة على "التحفظ" و"الاحتياط" في العلاقة بين الجنسين وما يحدثه ذلك من معرفة "بمقصد الشريعة" في هذا الباب، فإن ذلك يتبخر في طرفة عينٍ تحت ضغط السؤال" أين النص على كلمة "الاختلاط" في النص المحرم، وإذا قُدّر وباحثك ذات الشخص في مسائل أخر فاستدللت عليه "بنص الشريعة" حدثك عن ضرورة "النظرة المقاصدية" وأن "كليات الشريعة" مهيمنة على فروعها وجزئياتها، فساعة "ظاهري" وساعة "مقاصدي" بحسب الأهواء، أسأل الله أن يعيذنا من الفتن والأهواء، والله يرعاكم

...

تنبيه مهم:

هذا المقال مستفادٌ "بحرفه" و"معناه" من مجموع مقالاتٍ كتبت في هذا الشأن، مع فوائد وزوائد، أهم هذه المقالات:

١. الاختلاط .. (هم) و (وهم) للشيخ فهد العجلان.

٢. درس عملي في المحكم والمتشابه "الاختلاط أنموذجاً" للشيخ منصور العيدي.

٣. تعليق حول كتاب أبي شقة "تحرير المرأة في عصر الرسالة" للشيخ إبراهيم السكران.

<<  <  ج: ص:  >  >>