للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا الأخير هو ما يظهر رجحانه - والله أعلم- فلا ينبغي إطلاق القول بالمنع ولا بالجواز، بل الظاهر أن القائلين بالمنع يبيحون الترخص بالضوابط المذكورة ولو لم يصرّحوا بذلك، وكذا المجيزون لا يجيزون إلا بمراعاة الضوابط المذكورة، فتكون المسألة - مع مراعاة تحرير محل النزاع- قريبة لأن تكون محل اتفاق، وأن حقيقة الخلاف إنما هي فيما بُنيت عليه مسألة تتبع الرخص، وهي مسالة التزام العامي مذهباً معيناً.

• ثمرة الخلاف:

ذكر الزركشي أن من فروع المسألة: هل يجوز للشافعي مثلاً أن يشهد على الخط عند المالكي الذي يرى العمل به أم لا؟ صرّح ابن الصبّاغ

بأنه لا يجوز، وهو ظاهر كلام الشافعية، فإنهم قالوا: ليس له أن يشهد على خط نفسه، والظاهر الجواز إذا وثق به وقلد المخالف، ويدل عليه: تصحيح النووي قبولَ شهادة الشاهد على ما لا يعتقده؛ كالشافعي يشهد بشفعة الجوار.

وذكر من الفروع: أن الحنفي إذا حكم للشافعي بشفعة الجوار، هل يجوز له أم لا؟ فيه وجهان أصحهما: الحِلّ وهذه المسألة تشكل على قاعدتهم في كتاب الصلاة أن الاعتبار بعقيدة الإمام لا المأموم (١).

• سبب الخلاف:

لعل الخلاف في المسألة عائد إلى أمرين:

الأول: التلفيق؛ فعلى القول بمنع التلفيق يُمنع من تتبع الرخص، وعلى القول بجواز التلفيق يتخرّج الخلاف في تتبع الرخص.

الثاني: - وهو الأقرب- هل يجب على العامي التزام مذهب معيّن؟

فمن قال بوجوب ذلك: منع تتبّع الرخص، ومن قال بعدم وجوب التزام مذهب معين، وأنه يجوز مخالفة إمامه في بعض المسائل: أجرى الخلاف في تتبّع الرخص (٢).

وكذا تتبّع المجتهد للرخص، يمكن أن تُبنى على مسألة تقليد العالِم للعالِم؛ فمن منع: منع تتبع الرخص، ومن أجاز: أجرى الخلاف فيه، والله أعلم،،

هذا ما تيسر جمعه وتحريره، وأسأل الله أن يجعله خالصاً صواباً، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.


(١) انظر: البحر المحيط (٨/ ٣٨٣).
(٢) انظر البحر المحيط (٨/ ٣٧٥)، تيسير التحرير (٤/ ٢٥٤)، فواتح الرحموت (٢/ ٤٠٦).
المصدر: موقع المسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>