للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل الثاني: أن أهل العلم قد اتفقوا على أن من قدم من مكان لا ميقات له يحرم من مسافة أقرب المواقيت إليه إذا كان حذوه، ولما كان القادمون إلى جدة من المغرب ليس لهم ميقات معين يحرمون منه وكان أقرب ميقات إلى لجدة هو يلملم وكانت مسافته عن مكة تساوي مرحلتين وكذا مسافة جدة عن مكة، فهما متساويتا المسافة عن مكة، فجدة إذن ميقات مكاني إضافي على المواقيت المنصوصه (١).

وأجيب عنه: بأنه لا يسلم حكاية الاتفاق على أن من قدم من مكان لاميقات له أنه يحرم من مسافة أقرب المواقيت إليه إذا كان حذوه، بل لقد نقل ابن حزم الخلاف في ذلك على رأيين، فقالت طائفة: يحرم وقال آخرون لا يحرم (٢). وقال:" وأما سائر الروايات التي ذكرنا عن الصحابة والتابعين فليس في شيئ منها أنهم مروا على الميقات، وإذ ليس فيها فكذلك نقول: إن من لم يمر على الميقات فليحرم من حيث شاء " (٣). وعليه فإنه لا يحتج على المخالف بمحل النزاع.

الدليل الثالث: أنه لا محاذاة في البحر البتّة وذلك:

١ - لأنه يتعذر تعيين المواقيت فيها.

٢ - ولأنه لم يقم على هذا دليل في الكتاب والسنة أو الإجماع.

٣ - ولأنه لا تتحقق في البحر المحاذاة على المعنى الصحيح، فيتبين بذلك أنّ للقادم من البحر تأخير الإ حرام إلى جدة (٤).

وأجيب عنه: بعدم التسليم بأنه لا محاذاة في البحر فهذا مخالف لما ذهب إليه أهل العلم من وجوب الإحرام على من كان البحر طريقه إلى مكة إذا حاذى الجحفة أو يلملم (٥) بل المحاذاة حاصلة لمن كان البحر طريقه ولا تتعذر المحاذاة في البحر كما أننا نقول بأنه لا ميقات في البحر، ولكن يمكن محاذاة ميقات الجحفة ويلملم، وهما قريبان من البحر وليست محاذاتهما متعذرة للقادم من الشمال أو الجنوب.

الدليل الرابع: أنّ مدينة جدة لا تخلو:

١ - إما أن تكون داخل المواقيت والمواقيت خلفها.

٢ - أو خارج حدود المواقيت.

٣ - أو على المحيط نفسه.

أما الحالة الأولى: فيعني هذا الزيادة على مسافة المحاذاة وهذا مردود شرعاً وواقعاً.

وأما الحالة الثانية: فلا يقول بها أحد، وأما الحالة الثالثة: فهي المتعنية فتكون جدة ميقاتاً.

وأجيب عنه: بأن هذا التقسيم قائم على تفسير أصحاب هذا القول للمحاذاة، وإثباتهم أن جدة محاذية لميقاتي الجحفة ويلملم، وهذا قد تقدم الجواب عنه، وإنما نقول إن مدينة جدة داخل المواقيت وليست محاذية لأحدها لكونها أقرب إلى مكة من ميقاتي الجحفة ويلملم، ولذا فالواجب على القادم من الشام ومصر براً وبحراً وجواً الإحرام من الجحفة أو ما كان حذوها، وكذا القادم من اليمن سواء كان ذلك براً أو بحراً أو جواً فإنه يحرم من يلملم.

أدلة القول الثاني:

أولاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعين مواقيت في الجو لأن الطائرات لم تكن موجودة في عهد النبوة ولا متصورة، فلا يَصدق على أهل الطائرات أنهم اتو الميقات المحدد لهم لا لغة ولا عرفا، لكون الإتيان هو الوصل للشيّ في محله (٦).


(١) أدلة إثبات ان جدة ميقات ص ١٤٩ من مجلة مجمع الفقه الإسلامي ج٣.
(٢) المحلى لابن حزم ص٧٣/ ٧.
(٣) المحلى ص٧٨/ ٧.
(٤) أدلة إثبات أن جدة ميقات ص٣١.
(٥) انظر مفيد الأنام للجاسر ص٥٣، والمسائل المشكلة من مناسك الحج والعمرة ص١٧٤.
(٦) بحث" جواز الإحرام من جدة لركاب الطائرات والسفن البحرية "لآل محمود ص١٦٠٧ من مجلة مجمع الفقه ج٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>