للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقوله صلى الله عليه وسلم: «من قال في دبر صلاة الفجر وهو ثانٍ رجليه قبل أن يتكلَّم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، عشر مرات، كتب الله له عشرَ حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكان يومَه ذلك كله في حرز من كل مكروه، وحُرس من الشيطان، ولم ينبغ لذنب أن يدركه في ذلك اليوم إلا الشركَ بالله» (١).

فمن قال ذلك مراعيا الوقت والكيفية والعدد حصلت له الوقاية والحفظ من كل مكروه على وجه العموم، ومن الشيطان على وجه الخصوص.

٦ - التحصن باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء ... صباحا ومساء ثلاث مرات.

فعن أبان بن عثمان قال: سمعت أبي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات فيضرُّه شيء»، وكان أبان قد أصابه طرف فالج، فجعل الرجل ينظر إليه، فقال له أبان: ما تنظر إلي؟ أما إن الحديث كما حدثتك، ولكني لم أقله يومئذ ليمضي الله علي قدره (٢).

وفي رواية: «لم تصبه فجاءة بلاء حتى يصبح، ومن قالها حين يصبح لم تصبه فجاءة بلاء حتى يمسي»، وفيها أن أبان قال للرجل: ما لك تنظر إلي فوالله ما كذبت على عثمان، ولا كذب عثمان على النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن اليوم الذي أصابني فيه ما أصابني غضبت، فنسيت أن أقولها (٣).

والحديث دلالته ظاهرة في إن"هذه الكلمات تدفع عن قائلها كل ضر كائنًا ما كان، وأنه لا يصاب بشيء في ليله ولا نهاره إذا قالها في أول الليل والنهار" (٤)، إذ إن أول كلٍ منهما هو بداية التحصين الذي تحصل معه الفائدة بدفع المضرة والبلاء المفاجئ الذي يأتي بغتة دون إشعار أو مقدمة.

٧ - التحصن بصلاة أربع ركعات أول النهار.

لقوله تعالى في الحديث القدسي: «يا ابن آدم! صل لي أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره» (٥).

فمن صلى هذه الأربع أول النهار كانت له حرزا من المكاره إلى آخره.

قال العيني في معناه:"أكفك آخر النهار من كل شيء من الهموم والبلايا ونحوهما" (٦)

وقال الطيبي:"أكفك شغلك وحوائجك، وأدفع عنك ما تكرهه بعد صلاتك إلى آخر النهار، والمعنى: أفرغ بالك بعبادتي في أول النهار، أفرغ بالك في آخره بقضاء حوائجك" (٧).

وفضل الله واسع، فليتوجه المسلم بهذه الركعات المباركة إلى من بيده الخير وهو على كل شيء قدير؛ ليقضي حوائجه، وييسر أموره، ويدفع عنه كل ما يكرهه من الأمراض أو غيرها مما قد يجلب له همًّا أو يشغل له بالا.

وقد اختلف العلماء في تعيين هذه الركعات، هل هي صلاة الضحى أم صلاة الفجر وسنته؟

والمشهور الأول وعليه عمل الناس، وعند ابن تيمية وتلميذه الثاني، قال المناوي:"قال ابن تيمية: هذه الأربعة عندي هي الفجر وسنتها، وبه رد تلميذه ابن القيم على من استدل بها على سنة الضحى" (٨)


(١) أخرجه الترمذي في الدعوات (٣٤٧٤)، وأبو داود في الأدب (٥٠٧٩)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (٤٢٤٠).
(٢) أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (١٠١٧٨)، والحاكم في المستدرك (١٨٩٥)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (٦٥٥).
(٣) أخرجه أبو داود في الأدب (٥٠٨٨)، وهو صحيح كما في مشكاة المصابيح (٢٣٩١).
(٤) مشكاة المصابيح مع شرحه مرعاة المفاتيح (٨/ ٢٧٨).
(٥) أخرجه النسائي في الكبرى، في الحيض (٤٦٨٠)، وأبو داود في التطوع (١٢٩١) بلفظ: «لا تعجزني من أربع ركعات»، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (٦٧٤).
(٦) عمدة القاري شرح صحيح البخاري (١١/ ١٩٥).
(٧) تحفة الأحوذي (٢/ ٤٧٨).
(٨) فيض القدير شرح الجامع الصغير (٤/ ٤٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>