للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - عدّ الأناشيد المطربة من الوسائل الرئيسة التي يُطلب بها رقة النفوس، وخشوع القلوب (١)، ولم يكن ذلك من فعل السلف المتقدمين المقتدى بهم، قال الشاطبي (٢) - رحمه الله -:"ولا كان المتقدمون أيضا يعدون الغناء (٣).

٥ - تلحين الشعر - جزءاً من أجزاء طريقة التعبد، وطلب رقة النفوس وخشوع القلوب (٤).

٦ - الاجتماع على الأناشيد المطربة وقصدها من أجل إصلاح القلوب ورقتها، وتذكرها بالآخرة، وذلك من البدع المحدثة بعد مضي القرون الفاضلة، المشهود لها بالخيرية، وقال ابن تيمية - رحمه الله-:" وأما سماع القصائد لصلاح القلوب والاجتماع على ذلك، إما نشيدا مجردا، أو مقرونا بالتغبير ونحوه، فهذا السماع مُحدث في الإسلام بعد ذهاب القرون الثلاثة، وقد كرهه أعيان الأئمة، ولم يحضره أكابر المشايخ" (٥)، ولم يكن للسلف سماع يجتمعون عليه غير سماع القرآن الكريم.

٧ - اتخاذ الأناشيد المطربة (٦) من وسائل الدعوة الرئيسة، التي يُتوّب بها العصاة، فيُهجر لأجل ذلك الدعوة للكتاب والسنة،" ومن المعلوم أنما يهدي الله به الضالين، ويرشد به الغاوين، ويُتوب به العاصين، لابد أن يكون فيما بعث الله به رسوله من الكتاب والسنة، وإلا فإنه لو كان ما بعث الله به الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - لا يكفي في ذلك، لكان دين الرسول ناقصاً يحتاج إلى تتمة" (٧).

٨ - هجر سماع القرآن وتلاوته بسبب الاشتغال بسماع الأناشيد الملحنة وتلاوتها، وذلك من البدع المحدثة التي اشتد نكير الأئمة على أصحابها، قال أبو موسى - رحمه الله -:"سمعت الشافعي - رحمه الله - يقول: بالعراق زنادقة أحدثوا القصائد؛ ليشغلوا الناس عن القرآن" (٨).


(١) انظر: نشيد الكتائب (٦ - ٧).
(٢) الاعتصام (١٠/ ٣٤٨ - ٣٤٩).
(٣) يُطلق الغناء على تلحين الشعر، بدون آلة.
(٤) [الشيخ ابن جبرين - حفظه الله -: " ولا يُنافي ذلك اتخاذه وسيلة من وسائل الدعوة، فيضمن مع حُسن الصوت معاني مؤثرة في السامع، مما ينتج عن سماعها رقة القلب، ودمع العين، وتسبب التوبة من السيئات، والإقلاع عن الخطايا، والانكباب على الطاعة، والتوبة الصادقة، فيكون لمن أنشدها وسجلها مثل أجر مَن اهتدى بسببها. والله أعلم".]
(٥) مختصر الفتاوى المصرية (ص ٥٩٢). ابن جبرين - حفظه الله -:" السماع الذي يُريده ابن تيمية- رحمه الله - هو ما أحدثه الصوفية من الهزيج والطرب والرقص وضرب الأرض بالأرجل وهز الرؤوس عند سماع تلك القصائد وهو المُسمى عندهم بالسماع الذي مدحوه وقالوا فيه كل مجال:
هو طاعة هو قُربة هو سُنّة ... شيخ قديم صادهم بتميل
وسيق إلينا عذبها وعذابها ... حتى أجابوا دعوة المحتال"
(٦) [الشيخ ابن جبرين - حفظه الله -: " يُراد بالطرب هنا: ما يُحرك البدن، ويهتز له الرأس ويدعو إلى تمايل ورقص ونحو ذلك، ولا ينافي أن تتخذ القصائد الوعظية من وسائل الدعوة، فقد جُرّب نفعها في رجوع كثير من العصاة كالخطب والنصائح والمواعظ، وكل الجميع مصدره من الوحيين فلا يُقال أن فيها زيادة على ما بعث الله به رسوله - صلى الله عليه وسلم- ".]
(٧) مجموع فتاوى ابن تيمية (١١/ ٦٢٣).
(٨) انظر: الكلام على مسألة السماع، ابن القيم (ص: ١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>