للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١ - نشيد من يتقن صنعة الغناء ويحذقها، فإنه يُسمى غناء وصاحبه يُسمى مغنيا، وليس إنشاده من القدر المرخص به في الشرع، روى الشيخان عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (دخل علي أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث، قالت: وليستا بمغنيتين، فقال أبو بكر: أمزامير الشيطان في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ وذلك في يوم عيد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا، وهذا عيدنا) والشاهد من الحديث قول عائشة -رضي الله عنها -: (وليستا بمغنيتين)، قال النووي (١) -رحمه الله -:"وقولها (ليستا بمغنيتين) معناه ليس الغناء عادة لهما، ولا هما معروفتان به".

١٢ - إذا اقترن بالنشيد حركات أهل الغناء المعبرة عن اللهو والمجون، كالتمايل، وهز الرؤوس، فإنه يكون حينئذ محظورا، أخرج البيهقي بسند صحيح، عن أم علقمة، مولاة عائشة - رضي الله عنها: (أن بنات أخي عائشة - رضي الله عنها - خفضن، فألمن ذلك، فقيل لعائشة: يا أم المؤمنين ألا ندعو لهن من يلهيهن؟ قالت: بلى، قالت - أم علقمة -: فأرسل إلى فلان المغني فأتاه، فمرّت به عائشة - رضي الله عنها - في البيت، فرأته يُغني ويحرك رأسه طربا - وكان ذا شعر كثير - فقالت عائشة- رضي الله عنها -: أف شيطان، أخرجوه، أخرجوه، فأخرجوه) (٢).

١٣ - أن يقترن بالنشيد بعض الأصوات المطربة التي هي دون الآلات، كالتصفيق، والصفير، والضرب بالأرجل والقضيب والصنج، فإنه يكون حينئذ مكروها (٣).

١٤ - أن يكون فيها - أي الأناشيد - ضرب بالدف، وفي هذه الحالة تكون عند البعض حراما؛ لأنها مشتملة على اللهو الذي لا يُباح في مثل هذه الحالة (٤).

١٥ - أن يقترن بالنشيد آلات العزف المحرمة، فيحرم، ولا يجوز فعله على أي وجه وحال.

١٦ - النشيد الذي يُؤدى بأصوات مائعة وألحان ماجنة، يحرم إنشاده وسماعه مُطلقا، فإن كانت أصوات النشيد غير مائعة، وألحانه غير فاتنة، وحصلت الفتنة بها عند بعض المستمعين، فتحرم في حقهم؛ إذ إن علة التحريم هنا هي الافتتان، وقد يكون في الصوت واللحن، فتحرم مطلقا، وقد يكون في المستمع فتحرم في حقه، والمرء طبيب نفسه، والله أعلم.

الحكم الثالث للأناشيد: أن يلحق بالسماع الصوفي المحدث، إذا وافقه في بعض خصائصه، وعلله التي يحكم ببدعيته لأجلها (٥).

ويكون ذلك في الحالات التالية:

١ - الاعتقاد بأن الأناشيد المطربة من الدين، وهو نظير اعتقاد الصوفية أن سماعهم من الدين.

٢ - الاعتقاد بأن الأناشيد المطربة تزيد في جذوة الإيمان، وهو نظير اعتقاد الصوفية أن السماع يزيد في الأحوال والمواجيد الإيمانية.

٣ - اعتقاد البعض أن الأناشيد المطربة طريق يُقربهم إلى الله ويوصلهم إليه، ولا يجوز لأحد أن يعتقد أو يقول عن عمل: أنه قربة وطاعة وبر، وطريق إلى الله واجب، أو مستحب، إلا أن يكون مما أمر الله به أو رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - (٦).


(١) شرح النووي على مسلم (٦/ ١٨٢).
(٢) أخرجه البيهقي (١٠/ ٢٢٣ - ٢٢٤).
(٣) انظر: كف الرعاع، ابن حجر الهيتمي (١٠٥ - ١١٠).
(٤) البيان المفيد، جمع: السليماني، فتوى الشيخ العثيمين (ص: ١٤).
(٥) [أساس علل الحكم ببدعية السماع الصوفي والنشيد في بعض أحواله - كالتي سنذكرها - هو جعل تلحين الشعر بالألحان المطربة ديناً وعبادة وقربة وطاعة وطريقة موصلة إلى الله، بالقول، أو الاعتقاد، أو القصد، أو العمل.]
(٦) مجموع فتاوى ابن تيمية (١١/ ٤٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>