للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير أن من المقرر كذلك عندهم جواز خروج النساء مع الرجال وذلك خلافاً للأصل، إن تُقيد بضوابط الشريعة، فعندها يجوز أَيْنَ كان عند الكعبة أو غيرها، ومن الضوابط الشرعية التي كان عليها الشأن في العهد الأول -والذي يستدل به بعض الملبسين على الاختلاط المطلق من قيود الشريعة المعاصر، ولا يلتزمون الضوابط التي كانت مرعية عند الصحابة رضوان الله عليهم- ما يلي:

١ - وجود الضرورة أو الحاجة المقتضية لخروج النساء واختلاطهن بالرجال سواء أكانت هذه الحاجة دينية كشهود الجماعات أو دنيوية كشراء ما يلزمها شراؤه، فإن لم تكن ثمة ضرورة أو حاجة فلا تقر مخالفة كائنة من كانت لأمر ربها الرحمن: (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) [الأحزاب: ٣٣]، وقد فسر إمام التفسير مجاهد التبرج هنا بما دل عليه صدر الآية فقال: "كانت المرأة تخرج فتمشي بين الرجال فذلك تبرج الجاهلية الأولى" (١)، وقد استدل بالآية أئمة التفسير كالقرطبي وغيره على أن المرأة تلزم بيتها لاتخرج منه إلاّ لضرورة، قال الجصاص: "وفيه الدلالة على أن النساء مأمورات بلزوم البيوت، منهيات عن الخروج" (٢)، وقال ابن العربي المالكي رحمه الله: " قوله تعالى:} وَقَرْنَ فِي بيُوتكُنَّ {يعني اسكُنَّ فيها ولا تتحرَّكن، ولا تبرحن منها" (٣). فمن خالفت أمر ربها فقد أتت ذنباً، قد يعتذر لها فيه لكن لا يحتج بفعلها .. وهنا قد يقول قائل إن التعليم حاجة معتبرة شرعاً، وجوابه إجمالاً بالتسليم غير أن الجامعات غير المختلطة كثيرة، وإنشاء واحدة رائدة للنساء هو مقتضى العدل، أما افتعال الضرورة فلا يجوز، وأهل العلم لا يطالبون بإلغاء التعليم، ولكن يطالبون بحظر الاختلاط إذ لا حاجة له توجبه وهو محرم لغير حاجة، كالشأن في سائر جامعات المملكة السعودية، أما الكعبة فلا يمكن إنشاء كعبة غيرها تخصص للنساء!

١ - خروج النساء المقر في التشريع كان بضابط التزامهن الحجاب والستر، وحرصهن على الحشمة والأدب، ومن ذلك مشروعية الطواف لهن، أما إذا خرجت المرأة متطيبة متزينة، غير ملتزمة بالحجاب الشرعي، فلا يشرع لها دخول المسجد، بل لا تشرع لها الصلاة، ولا يقبل منها الطواف فالطواف صلاة على ما أثر وفيهما لابد للمرأة من ستر سائر البدن إلاّ الوجه والكفين في الصلاة، فكيف يقاس هذا بالخروج إلى جامعة لا تشترط الحجاب والستر، بل بعض الجامعات على ما نقل تأذن في اختلاط الطلاب والطالبات بلباس البحر على الشاطئ أو عند المسبح فهل يُجَوِّز هذا إلاّ من سَفِه عقله وهل يُعدُّ استدلاله بوقوع اختلاطٍ عند الكعبة إلاّ تبجحاً بالجهل!


(١) انظر تفسير ابن كثير للآية ٣/ ٤٨٣، وهو عند عبد الرزاق كما أشار الحافظ في الفتح ٨/ ٥٢٠ وسند عبد الرزاق الذي ذكر صحيح، وهو كذلك في الطبقات الكبرى لابن سعد ٨/ ١٩٨.
(٢) أحكام القرآن له ٣/ ٥٢٩.
(٣) أحكام القرآن ٣/ ٥٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>