للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سابعاًً: ظهر في هذا الزمان مكبرات الصوت، وهي من نعم الله تعالى على عباده، لما فيها من المصالح العظيمة، من تبليغ الأذان، وخطبة الجمعة، والعيدين، وغير ذلك، وليست من البدع -كما قد يظن بعض الناس- لأن البدعة هي الطريقة المحدثة في الدين مضاهاة للشريعة الإسلامية، واستعمال المكبرات لا يقصد به القربة ولا الزيادة في الثواب، وإنما المقصود تكبير الصوت حتى يسمعه من لا يسمع صوت المؤذن أو الخطيب، بل قد يكون قُربَة من القُرَب إذا احتيج إلى ذلك ((١)).

ولا بأس باستعمال مكبر الصوت إذا احتاج الإمام إلى ذلك لسعة المسجد وكثرة المصلين، أما بدون حاجة فالأحسن تركه. ومن استعمله عليه مراعاة ما يلي:-

١ - أن يحذر من التشويش على المساجد والبيوت المجاورة، وهو يحصل بفتح الصوت على المكبرات في المنارة ولاسيما إذا كان أهل المساجد المجاورة ممن يصلون في رحبة المسجد وساحته فهؤلاء يكون إيذاؤهم أشد. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَلا إِنَّ كُلَّكُمْ مُنَاجٍ رَبَّهُ، فَلا يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، وَلا يَرْفَعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي القِرَاءَةِ» أو قال: «فِي الصَّلاةِ» (٢).

٢ - أن الإمام إنما يصلي بمن كان داخل المسجد، لا بمن كان خارجه، وحينئذٍ يكون إظهار الصوت من مكبرات المنارة عديم الفائدة (٣). وهذا وصف ينبغي أن تُنَزَّهَ عنه الصلاة.

٣ - أن بعض الأئمة يبالغ في القرب من لاقطة الصوت فيجعلها مقابل فمه، وهذا يؤدي إلى حركات كثيرة عند الركوع والسجود والقيام ليبتعد عنها، وهي حركات متوالية ليست الصلاة بحاجة إليها، وبإمكان الإمام وضع اللاقطة عن يمينه، ولن يؤثر هذا في الصوت ضعفاً.

٤ - أنه ينبغي أن يكون صوت المكبِّر داخل المسجد بقدر المصلين، ومما يؤسف عليه أننا نرى كثيراً من المساجد رُفع فيها ميزان المكبر حتى أصبح يزعج المصلين، ويؤثر على متابعتهم لقراءة إمامهم وخشوعهم، والله المستعان.


(١) انظر: "فتاوى ابن إبراهيم" (٢/ ١٢٧)، "فتاوى ابن عثيمين" (١٣/ ٩١).
(٢) أخرجه أبو داود (١٣٣٢)، والنسائي في "الكبرى" (٧/ ٢٨٨ - ٢٨٩)، وأحمد (١٨/ ٣٩٢ - ٣٩٣)، وإسناده صحيح على شرط الشيخين، وله شاهد من حديث البياضي، أخرجه مالك (١/ ٨٠)، والنسائي في "الكبرى" (٣/ ٣٨٦)، وأحمد (٣١/ ٣٦٣)، انظر: "التمهيد" (٢٣/ ٣٠٩)، " السلسلة الصحيحة " رقم (١٥٩٧)، (١٦٠٣).
(٣) انظر: "فتاوى ابن عثيمين" (١٣/ ٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>