للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأوّل: الأمر به في قوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: ٤٩].

الثاني: أن لا تكون أهواء الناس ورغباتهم مانعة من الحكم به بأي حال من الأحوال [قلت: لا في صورة انتخابات ولا استفتاء وتخيير ولا غيره]؛ وذلك في قوله: {وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ}.

الثالث: التحذير من عدم تحكيم شرع الله في القليل والكثير، والصغير والكبير، يقول سبحانه: {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [المائدة: ٤٩]. (قلت: فكيف بمن يقبل - فضلاً عن أن يروّج - الفتنة عن لزوم حكم الشريعة كلها؟!).

الرابع: إنَّ التولي عن حكم الله وعدم قبول شيءٍ منه، ذنب عظيم موجب للعقاب الأليم؛ قال تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ} [المائدة: ٤٩].

الخامس: التحذير من الاغترار بكثرة المعرضين عن حكم الله؛ فإنَّ الشكور من عباد الله قليل، يقول الله تعالى {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ} [المائدة: ٤٩]

السادس: وصف الحكم بغير ما أنزل الله بأنَّه حكم الجاهلية {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} [المائدة: ٥٠]؟!

السابع: تقرير معنى عظيم بأن حكم الله أحسن الأحكام وأعدلها يقول الله عز وجل: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا} [المائدة: ٥٠].

الثامن: إنَّ مقتضى اليقين هو العلم بأن حكم الله هو خير الأحكام وأكملها وأتمها وأعدلها؛ وأنَّ الواجب الانقياد له مع الرضا والتسليم، يقول سبحانه: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: ٥٠].

وهذه المعاني موجودة في آيات كثيرة من القرآن، وتدل عليها أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله " (١).

وهذا أصل من الأصول التي لا تقبل الاستثناء مع القدرة، بل هي لازمة التطبيق، لا خيار لأحدٍ في تطبيقها؛ وفي هذا يقول الشيخ محمد مصطفى الزحيلي: " إنَّ المسلمين عامّة، وحكّام المسلمين خاصّة ليس لهم الخيار في تطبيق الشريعة أو عدم تطبيقها؛ بل هي إلزامية من الله تعالى الذي تفرد وحده بالخلق، وتفرد وحده بالأمر والتشريع، قال تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: ٥٤]، وقال تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ} [الأنعام: ٥٧] وقال تعالى: {أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ} [الأنعام: ٦٢].

ومن ترك حكم الله تعالى وهو قادر على تطبيقه، أو قصّر في تنفيذه بدون عذر ولا ضرورة، فإنَّه مؤاخذ ومسؤول أشدّ المسؤولية أمام الله تعالى.

وهذا ما سبق بيانه في وجوب تحكيم الشريعة، والانضواء تحت لوائها، والتقيد بأحكامها، وعدم الخروج عنها، أو الخيرة في تطبيقها " (٢).

وقال الشيخ يوسف القرضاوي تحت عنوان: الثوابت لا يتدخل فيها التصويت: " إنَّ هناك أموراً لا تدخل مجال التصويت، ولا تُعرض لأخذ الأصوات عليها؛ لأنَّها من الثوابت التي لا تقبل التغيير، إلا إذا تغير المجتمع ذاته ولم يعد مسلماً.

فلا مجال للتصويت في قطعيات الشرع، وأساسيات الدين، وما عُلِم منه بالضرورة " (٣).


(١) وجوب تحكيم شرع الله ونبذ ما خالفه، لسماحة مفتي عام المملكة السابق الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:٣٥. مع رسالة: تحكيم القوانين لمفتي الديار السعودية الأسبق الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله.
(٢) التدرج في التشريع والتطبيق في الشريعة الإسلامية:١٠٣.
(٣) من فقه الدّولة في الإسلام:١٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>