للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ختاماً: يقول العلاَّمة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله -: «كثر على ألسنةِ بعض الكتَّاب أنه لا تجوز تخطئة المخالف، وأنه يجب احترام الرأي الآخر، وأنه لا يجوز الجزم بأن الصواب مع أحد المختلفين دون الآخر.

وهذا القول ليس على إطلاقه؛ لأنه يلزم عليه أن جميع المخالفين لأهل السنة والجماعة على صواب ولا تجوز تخطئتهم، وهذا تضليل؛ لأنه يخالف قول النبي - صلى الله عليه وسلم: ((وستفترق هذه الأمة على ثلاثٍ وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة. قيل: مَن هي يا رسول الله؟ قال: هم مَن كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)).

ويلزم على هذا القول أيضاً أن المخالف للدليل في مسائل الاجتهاد لا يقال له مخطئ، ولا يُرَدُّ عليه، وهذا يخالف قول النبي - صلى الله عليه وسلم: ((إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران. وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد))؛ فدل على أنَّ أحدَ المجتهدين المختلفين مخطئ، لكن له أجرًا على اجتهاده ولا يُتابع عليه؛ لأن اجتهاده خالف الدليل، وإنما يصحُّ اعتبار هذا القول، وهو عدم الجزم بتخطئة المخالف، في المسائل الاجتهادية التي لم يتبين فيها الدليل مع أحد المختلفين، وهو ما يعبر عنه بقولهم: " لا إنكار في مسائل الاجتهاد "، و " الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد "، وهذا من اختصاص أهل العلم وليس من حق المثقفين والمفكرين الذين ليس عندهم تخصص في معرفة مواضع الاجتهاد وقواعد الاستدلال أن يتكلموا ويكتبوا فيه.

ولو كان لا يُخَطَّأ أحدٌ من أصحاب الأقوال والمذاهبِ لكانت كتب الردود والمعارضات التي ردَّ بها العلماء على المخالفين كلها مرفوضة، ولما كان لقوله تعالى: " فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ " [النساء: ٥٩] فائدة ولا مدلول؛ لأنه لا تجوز تخطئة المخالف، وهذا لازم باطل؛ فالملزوم باطل ... وقد ردّ الله - سبحانه وتعالى - على أهل الضلال في مواضع كثيرة من كتابه الكريم، وشرع لنا الردّ عليهم؛ إحقاقاً للحق، وإزهاقاً للباطل. ولولا ذلك لشاع الضلال في الأرض، وخفي الحق، وصار المعروف منكراً، والمنكر معروفاً» (١).

وفقنا الله للحق، ووقانا شر الفتن، وجعلنا من عباده الصالحين، آمين.

المصدر: موقع الإسلام اليوم

فهرس المراجع

١. كتاب: (تفسير القرآن العظيم)، ابن كثير الدمشقي، المكتب الثقافي، ط١.

٢. كتاب: (حقيقة الليبرالية وموقف الإسلام منها)، سليمان بن صالح الخراشي.

٣. كتاب: (معركة الثوابت بين الإسلام والليبرالية)، د. عبد العزيز مصطفى كامل، من إصدار مجلة البيان.

٤. مقال: (دعاة اللبرلة .. عقول محتلة، أم ولاءات مختلة؟) د. عبد العزيز كامل، مجلة البيان عدد (٢١٩) ص ٤٦.

٥. موسوعة (المورد العربية)، منير البعلبكي.

٦. الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، الندوة العالمية للشباب الإسلامي، بإشراف د. مانع الجهني، الناشر: دار الندوة العالمية للطباعة والنشر والتوزيع، ط٤.

٧. مقال على الشبكة بعنوان: (نقض المذهب النسبي)، مبارك عامر بقنة، موقع صيد الفوائد.

٨. موقع جريدة الجزيرة.

٩. موقع جريدة الرياض.

١٠. موقع جريدة الوطن.

١١. مقال على الشبكة بعنوان: (الحقيقة النسبية .. أفيون العقيدة!)، سامي بن عبد العزيز الماجد، موقع الإسلام اليوم.

١٢. النسخة الالكترونية من كتاب: (التطرف المسكوت عنه .. أصول الفكر العصراني " السعودية أنموذجاً ") د. ناصر بن يحيى الحنيني، الموقع الالكتروني للدكتور.

١٣. مقال بعنوان: (ثقافة التلبيس٩: قولهم بنسبية الحقيقة)، سليمان الخراشي، موقع صيد الفوائد.

١٤. التعريفات، علي بن محمد الجرجاني، تحقيق وتعليق د. عبد الرحمن عميرة، دار عالم الكتب، ط١.

١٥. مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية قدّس الله روحه.

١٦. كتاب: (السلم في علم المنطق)، الصدر بن عبد الرحمن الأخضري، مكتبة المعارف، ط١.

١٧. كتاب: (الفصل في الملل والأهواء والنحل) ابن حزم الظاهري، دار إحياء التراث العربي، ط١.

١٨. كتاب: (روضة الناظر وجنة المناظر) ابن قدامة المقدسي، مكتبة الرشد ناشرون، ط٧.

١٩. كتاب: (تلبيس إبليس) أبو الفرج ابن الجوزي، دار الكتب العلمية، ط١.

٢٠. بحث على الشبكة بعنوان: (التعددية الفكرية عند محمد آل محمود)، صالح السويح.

٢١. مقال بعنوان: (الحوار .. مجادلة جادة لا مداهنة) أ. د. جعفر شيخ إدريس، مجلة البيان العدد (١٩٠) جمادى الآخرة ١٤٢٤هـ.

٢٢. مقال على الشبكة بعنوان: (الحقيقة المطلقة)، سعود بن محمد الشويش.

٢٣. كتاب: (الموافقات) أبي إسحاق الشاطبي، دار ابن القيم ودار ابن عفان، ط١.

٢٤. موسوعة ويكيبيديا الإلكترونية ( www.wikipedia.org) .


(١) جريدة الجزيرة، العدد ١١٦٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>