للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وراء ما هو أعظم من ذلك يعني أن ما يلحقه من الإثم ويصيبه من الوبال بالحلف كاذبًا أعظم من فوت المدعي حقيرًا كان أو خطيرًا وأفاد الحديث إنه ينبغي للقاضي عند تحليف الخصم أن يذكر الوعيد في اليمين الكاذبة ربما يخاف الخصم فلا يحلف ألا تراه كيف امتنع عن اليمين حين سمع الوعيد من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر (عن كردوس (١) الثعلبي عن الأشعث بنُ قيس - رضي الله عنه - قال اختصم رجل من حضرموت ورجل من كندة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال الحضرمي يا رسول الله أرضي في يد هذا اغتصبها أَبوه فقال [الكندي] (٢) أرضي في يدي ورثتها عن أبي فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألك بينة يا أخا حضرموت فقال لا يا رسول الله ولكن خذ لي يمينه ما يعلم إنها أرضي اغتصبها أَبوه فتهيأ الكندي ليحلف فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من اقتطع مالًا بيمينه لقي الله تعالى وهو أجذم فلما سمع الكندي كف عن اليمين وأعطاه الأرض) قوله اجذم فيه قولان أحدهما قال بعضهم مقطوع اليد لأن الأجذم في اللغة هو مقطوع اليد وقال بعضهم وهو الأصح معناه مقطوع الحجة في الإقدام على اليمين الباطلة وهذا مثل الخبر الآخر عنه - صلى الله عليه وسلم - من حفظ القرآن ثم نسيه لقي الله تعالى وهو أجذم أي مقطوع الحجة في الترك بعد الحفظ (٣) وقد أفاد الحديث أنَّه ينبغي للقاضي أن يذكر الوعيد عند التحليف ليخافه المدّعى عليه فيمتنع عن اليمين ذكر (عن طلحة بنُ عبد الله بنُ عوف (٤) قال أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - مناديًا فنادى (٥) حتَّى بلغ الثنية لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين وإن اليمين على المدعي عليه) الثنية اسم موضع يبعد من عمرانات المدينة فكان المنادي رفع صوته حتَّى بلغ إلى ذلك الموضع وفيه أن شهادة الخصم لا تقبل لأنه متهم فإن الخصم يتهم على خصمه بالكذب والظنين بالظاء وهو المتهم وبيان حقيقة التهمة وموضعها قد مرّ [شرحه في كتاب عمر إلى موسى الأشعري -رضي الله عنهما-] (٦) في الباب الخامس من هذا الكتاب وقوله وإن اليمين


(١) وفي الخلاصة كردوس بنُ العباس أو ابن هانئ الثعلبي بمثلثة عن ابن مسعود وأبي موسى وعنه أَبو وائل وزياد بنُ علاقة وثقه ابن حبان له عندهم حديثان قلت روى له البخاري في الأدب وأَبو داود والنَّسائي وفي س التغلبي بالتاء المثناة فوق والغين المعجمة وكذلك ذكره في تهذيب التهذيب عن ابن معين وقال فيه روى عن أشعث وحنيفة والمغيرة وأبي مسعود وعائشة -رضي الله عنهم-.
(٢) بين المربعين زيادة من س.
(٣) لفظ س للحديث ولشرحه من تعلم القرآن ثم نسيه لقي الله تعالى وهو أجذم مقطوع اليد والأصح مقطوع الحجة يعني لا حجة له عند الله تعالى في تعلم القرآن ثم ترك القراءة حتَّى نسيه.
(٤) وفي الخلاصة طلحة بنُ عبد الله بنُ عوف الزُّهْريّ أَبو عبد الله المدني قاضيهما المعروف بطلحة الندى عن عمه عبد الرحمن بنُ عوف وعثمان وابن عبَّاس وعنه الزُّهْري وأَبو الزناد وثقه ابن معين والنَّسائي وابن سعيد زاد مات سنة سبع وتسعين وقال ابن عدي سنة تسع قلت روى له الستة إلَّا مسلمًا.
(٥) وفي س ينادي.
(٦) بين المربعين زيادة من س.

<<  <   >  >>