للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما على قول أبي يوسف ومحمد فلأن نكاح الأول قائم لكان الثاني إمساكًا لها بحكم النكاح الأول لكنّهما يباشران النّكاح الثاني لِنَفْي التّهمة وقطع الشبهة عند النّاس، أمّا على قول أبي حنيفة - رضي الله عنه - فذلك جائز أيضًا لأنّ المشهود به على الزّوج الأوّل إن كان طلقة واحدة فلا إشكال في حلّ تزويجها به (١)، وإن كان المشهود به ثلاث طلقات فقد وُجِدَ المحلّل وهو الزّوج الثاني فحلّ لها التزوّج [بالأول على كل حال (وهذا إذا طلقها الثاني باختياره أما إذا شهد عليه شهود زور] (٢) بالطّلاق كما شهد على الأوّل ففرق القاضي بينهما، قال أبو حنيفة - رضي الله عنه - لها أن تتزوّج بمن شاءت سوى الزوج الثاني الّذي فرق القاضي بينها وبيّنه بطلقاتٍ ثلاثٍ لأنّ الفرقة نفذت على ما تقدّم (وقال أبو يوسف ومحمد ليس لها أن تتزوج إلّا بالزّوج الأوّل) لأنّ نكاحه قائم وذكر الخصّاف قول أبي يوسف وحده في هذا وليس ذلك لأنّ قول محمّد يخالفه بل قول محمّد كقول أبي يوسف في هذا، لكنّه خصّ قول أبي يوسف بالذّكر لأنّ قول محمّد معلوم فيه والله أعلم.

فصل (٣)

(ولو وقعت الفرقة بينهما على ما وصفنا). يريد به بقضاء القاضي بشهود زور (فجاءت المرأة وقالت للأوّل تزوّجت غيرك ودخل بي وطلّقني وانقضت عدّتي) فهذا على وجهين، إمّا إن كان الزّوج يعلم أنّه أنّها كاذبة أو كان لا يعلم ذلك (فإن كان يعلمه لم يسعه أن يتزوّجها) لأنّه إبطال حكم القاضي بباطل، لأنّ الفرقة نفذت بقضاء القاضي وصارت بحالٍ لا تحلّ له إلَّا بعد زوج وإصابة وهو يعلم أنّ ذلك لم يوجد فكيف يسعه التّزوّج بها، وينبغي أن يكون مذهب محمد هنا أنّه يسعه أن يتزوّجها إذا كان النّاس لا يعلمون أنها كاذبة لأنّ عنده نكاح الأوّل باق والحل له ثابت في الباطن لكن يمنعه من وطئها ظاهرًا نفيًا للتهمة عند النّاس وبالتّزوّج بها في هذه الحالة وإن كان هو يعلم كذبها ارتفعت التهمة عند النّاس لأنّهم لا يقفون على باطن أمرها فيجوز (وأمّا إذا كان الزّوج لا يعلم كذبها وكانت مأمونة قبل قولها


(١) في الآصفية تزوجها به.
(٢) بين المربعين زيادة من ص.
(٣) وفي س قال ولو كانت المسألة كما وصفنا فقالت المرأة قد تزوجت غيرك وفارقني بعد الدخول وانقضت عدتي وهي كاذبة فهذا على وجهين أما إن علم الزوج الأول أنها كاذبة أو لم يعلم إن علم لا يسعه أن يتزوجها وأما إذا لم يعلم ان كانت المرأة مؤتمنة وسعه أن يتزوجها لأن النساء في مثل هذا مؤتمنات ألا ترى أنّه لو طلّق امرأته ثلاثًا ثم جاءت بعد زمان وقالت إني حللت لك بمحلل إن كانت مؤتمنة فصدقها جاز وإن كانت غير مؤتمنة وركن قلبه إلى تصديقها حل له أن يتزوجها فهذا كذلك اهـ.

<<  <   >  >>