للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأمر عليهم فإذا ظهر ذلك انقادوا له، أما في زماننا فقد فسد الزمان وخان الناس فلا يؤمن أن اتفقوا على ما يريد القاضي أن يقضي به فيحتالون لدفعه، فلذلك لا يشاور الفقهاء بحضرة الخصوم، ولكنه إذا أراد مشاورتهم ومناظرتهم فعل ذلك بعد ذهاب الخصوم من بين يديه لأنه أحوط.

(فإن كره القاضي أن يجلس معه غيره خوفًا من حصر يلحقه أو لأجل خصومتهم أو غير ذلك [لم يُجلس أحدًا] (١)، جلس وحده إذا كان عالمًا بالقضاء) لأنهم قد يشغلونه عن القضاء، فله أن يجلس وحده (وإن لم يكن عالمًا به فالأولى له (٢) مناظرة الفقهاء في أمره وما يرد عليه) لأنه أقرب إلى الصواب، قال (وإن يُجلس معه قومًا من أهل العفة أحب إلي) (٣) لأنّه أبعد عن التهمة (٤) والله أعلم.

[باب القاضي يشاور]

ذكر (عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: ما رأيت أحدًا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر مشاورة لأصحابه منه) يعني من [عمر - رضي الله عنه - هذا لأنّ] (١) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يشاورهم حتى في طعام أهله وإدامهم) وإنما فعل ذلك تبركًا بالمشورة لما فيها من امتثال أمر الله -عز وجل- فإنه قال {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} (٥).

ثم ذكر (عن الحسن يقول في هذه الآية {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} قال: إنه والله ما تشاور قوم قط إلا وفقهم الله لأفضل ما بحضرتهم) (٦) يريد بذلك لأفضل ما يطلبونه فإنهم بالمشورة يطلبون شيئًا وهو الصواب، فالله -عز وجل- يوفقهم لذلك.

(ثم ذكر عن الحسن حديثًا هذا معناه).


= فمتى كانت المشورة بمحضر من الخصمين فإذا أشار الإنسان على القاضي بشيء يقف عليه الخصم يشتغل بالحيلة والتلبيس".
(١) بين المربعين من س وسقط من الأصل وم.
(٢) س "فأولى الأشياء".
(٣) وفي س "أهل الفقه أحب إلى الله" وم "أحب إليه".
(٤) هذا الشرح لم يذكر في س.
(٥) آية رقم ١٥ من سورة آل عمران .. زيد في س بعد قوله "وقد ورد على هذا أحاديث كثيرة ذكرها هنا وفي غير هذا الموضع ذكر عن الحق أنه قال في هذه الآية إلخ".
(٦) وفي س بعد ذلك إلى آخر الشرح: "لأن أفضل ما بحضرتهم الصواب، والمطلوب هو الصواب، فإذا تشاوروا فيما بينهم يوفقهم الله تعالى للصواب، فيصلون إلى ما هو أفضل وهو الصواب". (ي) آية رقم ٤٨ من سورة الشورى.

<<  <   >  >>