للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بخلافه فقول أبي حنيفة - رضي الله عنه - ظاهر لأنّه لا ينقض القضاء وهما (١) اختلفا قال أبو يوسف لا ينقض القضاء.

وقال محمد: ينقض، وجه قول محمَّد رحمه الله أن رأيه كالنص في حقه ورأي غيره اجتهاد، والنص متى وجد بعد الاجتهاد ينقض به الاجتهاد، كذلك هاهنا، وأبو يوسف رحمه الله يقول: رأي غيره بمنزلة رأيه إذا لم يكن له رأي، ولهذا يجب عليه القضاء به كما يجب عليه القضاء برأي نفسه، ولو حكم ابتداءً برأي نفسه ثم تغير اجتهاده لا يُنقض الأول، كذلك هاهنا. قوله (٢) "إنّ رأيه كالنص في حقه" قلنا: بلى، لكن حدث بعد الحكم بالاجتهاد، والنص متى حدث بعد الاجتهاد لا ينقض به الحكم الماضي، إنما ينقض إذا كان النص قائمًا وقت الحكم - والله أعلم.

[باب ما أبيح للقاضي من الاجتهاد وما ينبغي أن يعمل به]

ذكر حديث معاذ - رضي الله عنه -، وقد مرّ، وهو (٣) يشتمل على فوائد (٤)، منها أن السلطان إذا أراد تقليد رجل عملًا فينبغي أن يمتحنه في بعض أعماله ليعرف هدايته وحذاقته في ذلك، ألا ترى أن الرسول صلوات الله عليه سأل معاذًا عن بعض أعماله فقال له بمَ تحكم (٥) فقال معاذ بكتاب الله.

ومنها أن الكتاب لا يشتمل على جميع الحوادث ردًا على أهل الظاهر حيث قالوا: الكتاب محيط بكل الأحكام، واعتمدوا قول الله -عَزَّ وَجَلَّ- {وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} ولكنا نحتج بحديث معاذ فإنه قال "فإن لم تجد في كتاب الله" والكتاب المبين عندنا اللوح المحفوظ.

ومنها أن جميع الأحكام لا توجد في السنّة، ألا تراه كيف قال "فإن لم تجد في سنة رسول الله"! وفيه دليل على فضيلة معاذ - رضي الله عنه - حيث جوّز له الاجتهاد في زمن


(١) و (٢) ما بين الرقمين سقط في م، وهنا تعبير س هكذا "فمضى برأي غيره ثم ظهر للقاضي رأي بخلاف ما قضى هل ينقض قضاؤه؟ اختلف أبو يوسف ومحمد فيما بينهما - إلخ".
(٣) أي قول محمَّد. ومن هنا إلى آخر الباب ساقط من س.
(٤) وفي س "بدأ الباب بحديث معاذ - رضي الله عنه - وهو - إلخ".
(٥) وفي س منها أنه ينبغي للإمام إذا قلّد إنسان عملًا أن يختبره ببعض ما يكون من عمله ليعرف أيصلح لذلك العمل ويهتدي إليه أم لا، كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه اختبر معاذًا حيث قال له بم تقضي يا معاذ الحديث".

<<  <   >  >>