للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حتى أستشير أصحابي (١)! فاستشار أبا يوسف، فقال: لو تقلّدت لنفعت الناس! فنظر إليه شبه المغضب (٢) وقال: أرأيت لو أُمرت أن أعبر البحرَ سباحةً أكنت أقدر عليه! وكأني بك قاضيًا. وكذا محمَّد رحمه الله عرض عليه القضاء (٣) فأبى حتى حبس وقيد فاضطر فتقلد حينئذٍ.

قال رحمه الله: والحاصل (٤) أن الدخول في القضاء عن اختيار رخصة، والامتناعَ عزيمة، أما الدخول رخصة لما تقدم (٥) والامتناع عزيمة لوجهين: أحدهما أنه مأمور بالقضاء بالحق وقد يظن أنه يقضي بحق ولا يتهيأ له ذلك (٦) والثاني أنه لا يقدر على القضاء إلَّا بمن يعينه وقد يجد من يعينه وقد لا يجد فكان الامتناع هو العزيمة والدخول رخصة هو المختار في هذا الباب والله أعلم بالصواب (٧).

باب الدخول (٨) في القضاء

افتتح صاحب الكتاب بحديث عائشة رضي الله عنها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٩) "يجاء بالقاضي العدل يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب ما يودّ أنه لم يكن قضى بين اثنين" ورد الحديث (١٠) للتحذير عن طلب القضاء والدخول فيه، فإنّ الحديث ورد في حق العدل، فما ظنك بغير العدل (١١)! وشدة الحساب تشمل كل القضاة إلَّا أن الله -عزّ وجل- ينجي العادل بعدله ويبقى الجائر في وبال ما صنع (١٢).


= الدخول فيه إلَّا مكرهًا، ألا ترى أن أبا حنيفة - رضي الله عنه - دُعي إلى القضاء ثلاث مرات فأبى حتى ضرب في كل مرة .. إلخ".
(١) وفي س "فلما كان في المرة الثالثة قال: حتى أستشير أصحابي".
(٢) وفي س "نظر المغضب".
(٣) وفي س "وكذا دعي محمَّد إلى القضاء".
(٤) وفي س "والصحيح".
(٥) وفي س "فلما قلنا".
(٦) وفي س "وعسى يظن في الابتداء أنه يقضي بحق ثم لا يقضي في الانتهاء".
(٧) وفي س "والثاني أنه لا يمكنه القضاء إلا بمعاونة غيره، وعسى يعينه غيره وعسى لا يعينه، وإذا عرفنا هذه المقدمات جئنا إلى ما افتتح صاحب الكتاب به الكتاب".
(٨) وفي س "باب ما جاء في الدخول".
(٩) وفي س "أنها قالت يجاء - الحديث" وليس فيها الرفع.
(١٠) وفي س "أورد هذا الحديث".
(١١) وفي س "بالجائر".
(١٢) وفي س "فكان شدة الحساب والعقاب يعم جميع القضاة إلَّا أن العادل ينجيه الله تعالى بعدله والجائر يبقى في وبال ما فعل".

<<  <   >  >>