للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رجلا حييًا أو ذا حشمة يتضع قدره بالحضور للخصومة فينبغي أن يأخذ بمذهب أبي يوسف ومحمد رحمهما الله نظرًا للناس بقدر الإمكان والله أعلم.

[باب القاضي يقوم على رأسه الجلواز]

ذكر (عن أم داود الواشية (١) قالت رأيت على رأس شريح شرطيًا بيده سوط المراد من الشرطي هاهنا هو الذي تسميه الناس صاحب المجلس ويقال له العريف (٢) والجلواز والجلوزة هي المنع والجلواز هو المانع وهكذا نقول (٣) ينبغي للقاضي أن يتخذ رجلًا يقوم بين يديه يؤدب الخصوم ويمنعهم عن إساءة الأدب حفظًا لمهابته وإبقاء لحرمته والأصل في هذا ما روي أن ابن عمر -رضي الله عنهما- كان إذا سافر استصحب رجلًا سفيهًا فقيل له في ذلك فقال أو ما علمت أن الشر يدفع بالشر وفي حديث شريح أنَّه كان بيده سوط لأنه يحتاج إليه للتأديب (٤) وذكر (عن عمرو بنُ قيس (٥) قال رأيت رجلًا يقوم على رأس شريح فكان إذا تقدم إليه الخصمان قال أيكما المدعي فليتكلم) وهذا فصل اختلف فيه العلماء أن القاضي هل يستنطق المدعي أم لا وقد تقدم ذكره في هذا الكتاب ومن مذهب شريح أنَّه كان يستنطقه لكنه لم يتول ذلك بنفسه وولاه رجلًا لإبقاء حرمته ومهابته وذكر (عن خالد الحذاء قال حين استقضى أناس فجلس في مجلس الفصل فنكس رأسه فجعل يبكي (٦) والخصوم ناحية ثم دعا بهم اثنين اثنين قال ففصل بين سبعين بلا شاهد إنما هو إقرار) أما بكاء أناس فله وجهان أحدهما يحتمل أنَّه بكى ندمًا على ما فعل من تقلد القضاء فإنه كان من صالحي التابعين وزهادهم ويحتمل أنَّه بكي خوفًا من الوقوع في القضاء بظلم وجور (٧) أما إقرار الخصوم


(١) ذكرها في تعجيل المنفعة بقوله أم داود عن عائشة وعنها أيوب بنُ ثابت رامزًا لها بالألف ولم يذكرها بالنسبة وفي س الوابشية ولم أجدها في الكتب المتداولة.
(٢) وكان في الأصلين التعريف والصواب العريف على ما في س.
(٣) وفي س وبه نقول.
(٤) وفي س لأنه يحتاج إلى تأديب السفهاء وإنَّما يمكنه التأديب بالسوط.
(٥) وفي لسان الميزان عمرو بنُ قيس تابعي قديم حدث عنه الأسود بنُ قيس ذكره ابن المديني في المجاهيل اهـ قلت فلعله هو أو هو شامي أو هو كوفي ملائي لكن لم يذكر أحد أنهما رأيا شريحًا وهما ماتا بعد مائة وأربعين فيشك في لقاتهما شريحًا.
(٦) وفي س شهدت إياسًا حين استقضى قال فجلس ناحية فنكس رأسه وجعل يبكي.
(٧) وفي س هذا شرح مقدم على قوله ثم دعا بهم الخ وعبارتهما وهذا لأن إياسًا كان من زهاد التابعين ثم أجبر على القضاء كان يبكي ندمًا على ما شرع في القضاء أو خوف من أن يبتلى بالجور لكن لا يبكي بين يدي الخصوم وإنما كان يبكي في ناحية والخصوم في ناحية كيلا تذهب مهابته وحشمة مجلسه.

<<  <   >  >>