للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الناس علي غضبان وفي رواية غضاب) (١) وأراد بالناس الخصوم وبالشطر القريب من الشطر لا حقيقة الشطر وهو النصف لأن من الخصوم من يميل إلى الصلح فيقومان شاكرين راضيين ومنهم من يكون متدينًا ورعًا إن قضى عليه ينقاد ويستسلم ولا يغضب لكن الغالب ممن يقضى (٢) عليه أنه يغضب على القاضي (٣) ذكر (عن الشعبي وابن سيرين أن شريحًا كان يجيز الاعتراف في القصص وفي رواية أخرى إنه كان لا يجيز الاعتراف في القصص) وهذا فصل مختلف فيه (٤) فمذهب شريح أنه يكون اعتراف الخصم في القصة اعترافًا فكان إذا رفعت إليه قصة قال لرافعها هذه قصتك فإذا قال نعم قال أنت كتبتها فإذا قال نعم قال والأمر على ما فيها فإذا قال نعم نظر فإن كان فيها اعترافًا (٥) أجازه حتى لو أنكر الخصم بعد ذلك لا يسمع إنكاره ولكن المذهب عندنا أنه لا يكون اعترافًا حتى لو أقر في القصة ثم أنكر قبل إنكاره لجواز أن الكاتب كتبه والخصم لا يعلم به ولجواز أن الخصم كتبه سهوًا أو غفلة من غير تأمل ولجواز أنه كتبه لكن القاضي يقرأ القصة عليه ويعرفه ما فيها ويسأله عن ذلك فإن قال هو كذلك كان هذا إقرارًا منه حينئذٍ كسائرِ الأقارير وإلّا فلا ثم قد ذكرنا أن المروي عن شريح في ذلك روايتان فعلى الرواية الثانية أنه كان لا يجيز الاعتراف في القصص من ذهب إلى أن شريحًا كان يأخذ القصص وتأوّل الحديث الأول فحمله على أنه كان في مجلس القضاء لا يحتاج إلى تأويل الحديث الثالث لأنه يقول كان يأخذ القصص ولا يرى الاعتراف فيها كما هو مذهبنا على ما حكينا وإن كانت الرواية عن شريح هي الأولى وهي أنه كان يجيز الاعتراف فى القصص وهي الأصح عنه فمن أَجْرى الحديث الأول على ظاهره وقد كان لا يرى أخذ القصص فإنه يحتاج إلى التلفيق بين ذلك الحديث وبين هذة الرواية لأنه إذا كان لا يأخذ القصص فكيف يرى الاعتراف فيها وتأويله أنه كان لا يأخذ القصص إلّا من شخص خاص وهو من علم حياؤه وعجزه عن بيان مقصوده بين يديه وإذا أخذ القصة من هذا الوجه رأى اعترافه فيها اعترافًا وهذا مذهبه على هذا القول ما قاله أصحابنا رحمهم الله أن التوكيل بغير رضا الخصم لا يجوز على قول أبي حنيفة - رضي الله عنه - وعلى قول صاحبيه يجوز قالوا فإن كان القاضي يتهم الموكل بالتدليس والتلبيس ينبغي أن يأخذ بمذهب أبي حنيفة - رضي الله عنه - وإن كان الموكل


(١) وفي س ويروى وشطر الناس على غضاب.
(٢) وفي ص قضي.
(٣) وزادت س ول الحديث على التحذير عن الدخول في القضاء.
(٤) وكان في الأصلين اعترافًا والصواب اعتراف وفي س ذكر هذا بالمعنى.
(٥) الشرح هذا إلى آخر الباب ذكر في س بمعنى ما هاهنا.

<<  <   >  >>