للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

و [كل حكم صادف محل الاجتهاد] (١) وجب الحكم بصحته وبيانه أنه متى ثبت الاختلاف بين الصحابة مثلًا فقد اتفقوا على كون الحق في أقوالهم لا يعدوها ولكن كل واحد لا يقطع القول بكونه مُحِقًا وكون صاحبه مخطئًا إنما يرجح قول نفسه على صاحبه فلم يكن قول صاحبه خطأ بيقين وكل حكم لم يتيقن خطأه فهو نافذ ماضي على ما عرف إذا عرفت هذه الجملة فالمسألة التي ذكرها صاحب الكتاب في هذا (رجل قال لامرأته أنت خلية أو برية أو بتة فخوصم في ذلك إلى قاضٍ يرى أن هذا القائل ينوي فحكم بكونها ثلاثًا وأبانها منه فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - قال ينفذ قضاؤه وقال أبو يوسف رحمه الله لا ينفذ ويرجع عنه إلى رأيه) ودلت المسألة على أن من العلماء من يقول بوقوع الثلاث بقوله بائن أو خلية من غير نية والله أعلم بالصواب.

[باب ما يحله قضاء القاضي وما لا يحله]

ذكر (حديث (٢) أم سلمة -رضي الله عنها- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال إنكم تختصمون (٣) إلي ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض وإنما أنا بشر أقضي بما أسمع (٤) فمن قضيت له بشيء من مال أخيه (٥) فإنما أقطع له قطعة من النار) أفاد (٦) الحديث أن القضاء إمضاء ما كان لا إنشاء ما لم يكن فكان حجة لأبي يوسف في قوله الأخير ومحمد علي أبي حنيفة في مسألة قضاء القاضي في الفسوخ والعقود أينفذ باطنًا أم لا وإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - يقول الحديث ورد في الأملاك المرسلة وبه أقول وذكر حديث (٧) (أبي هريرة - رضي الله عنه - قال اختصم رجلان (٨) إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدهما عالم بالخصومة والآخر بها جاهل فلم يلبث العالم أن قضي له بها فمضى (٩) المقضي له وبقي المقضي عليه فقال والله الذي لا إله إلّا هو أن


(١) بين المربعين زيادة من الآصفية.
(٢) وفي س ذكر عن أم سلمة -رضي الله عنها- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال إلخ.
(٣) وفي س لتخصمون لدي.
(٤) وفي س وإنما أنا بشر مثلكم فمن إلخ.
(٥) وفي س من مال أخيه شيئًا بغير حق.
(٦) وفي س دل الحديث على أن قضاء القاضي يكون إظهارًا لما كان ولا يكون إنشاء لأمر لم يكن فيكون حجة لأبي بوسف في قوله الآخر ومحمد على أبي حنيفة وأبي يوسف (في قوله) الأول وأبو حنيفة وأبو يوسف (في قوله) الأول يقولان إنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأملاك المرسلة وعندي قضاء في الأملاك المرسلة لا ينفذ إذا وقع خطأ اهـ.
(٧) وفي س عن مكان حديثه.
(٨) وفي س إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلان.
(٩) وفي س فقام.

<<  <   >  >>