للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر (عن زياد أنه قال: الرجال ثلاثة: رجل، ونصف رجل، ولا شيء؛ فالرجل الذي به (١) رأي لا يحتاج إلى رأي غيره، ونصف رجل الذي لا رأي له وإذا حزّ به أمر شاور ذا الرأي، ولا شيء الذي لا رأي له ولا يشاور) [وهذا من جملة الحِكَم، وزياد كان ممن يتكلم بالحكمة وإنما قال ذلك تحريضًا على المشاورة] (٢).

فصل

قال صاحب الكتاب (وإذا ورد على القاضي شيء نزل به الكتاب أو جاءت به السنة فلا حاجة إلى المشاورة، وإن كان لم ينزل به الكتاب ولم تجئ به السنّة احتاج فيه إلى مشاورة أهل العلم، فلا يعجل فيه بحكم حتى يشاور من يثق برأيه وعلمه ودينه، فإذا اتفقوا على شيء أمضاه) وهذا على ما تقدم.

(وإن شاور رجلًا واحدًا في ذلك أجزاه) (٣) وهذا لا يخلو إما أن يكون عالمًا أو غير عالم (فإن كان عالمًا فله القضاء برأي نفسه من غير مشورة أصلًا فإذا شاور واحدًا أولى (٤) وإن كان غير عالم فهو بمنزلة العامي) والعامي متى استفتى واحدًا أجزاه، كذلك هاهنا (فإن شاور اثنين فهو أولى) لأن القاضي إذا كان عالمًا فالأولى له مشاورة واحد ليضم رأيه إلى رأيه، فإذا كان غير عالم فالاثنان في حقه كالواحد في حق العالم (وإن شاور جماعة فهو أولى) لأن رأي الجماعة أقرب إلى الصواب وأبعد عن الخطأ، لا يكاد هذا يخفى والله أعلم.

[باب الحكمة وفصل الخطاب]

ذكر (عن الحسن في قول الله -عز وجل- {وَفَصْلَ الْخِطَابِ} قال: العلم بالقضاء) قال بعضهم: هو الشهود والأيمان، وقال بعضهم: هو كلمة "أما بعد" [وقال بعضهم: هو المعرفة بوجوه القضاء] (٥) وقال بعضهم: هو الخصوم وهو أضعف التأويلات، ووجه تصحيحه أن يكون المراد منه الفصل بين الخصوم.


(١) وفي س "له".
(٢) وفي س "وقد ذكرنا هذه الجملة قبل هذا".
(٣) وفي س بعد ذلك إلى آخر الباب هكذا: "لأنّه لو كان القاضي صاحب رأي وقضى برأيه جاز قضاؤه، وإنما المشورة للاحتياط، وإن لم يكن للقاضي رأي فهو كالعامي والعامي إذا استفتى من وقت واحد جاز، فكذا القاضي، لكن إذا شاور عليه غيره لينضم رأي غيره، إلى رأيه أولى، فكذا هنا، وإن شاور الجماعة كان أفضل لأن الصواب لا يعدوهم بالحديث".
(٤) كذا في الأصل وم لعله "كان أولى" أو "فهو أولى" - والله أعلم.
(٥) بين المربعين زيادة من س.

<<  <   >  >>