للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شاذ فكان ماجنًا فكان القضاء خلافه وكذلك السنة المتواترة لا تنسخ بخبر شاذ أما إذا قضى بالسنة المتواترة وإن كان خلاف الكتاب جاز لأن الكتاب نسخ بالسنة المتواترة فلا يكون ذلك خلافًا في الحقيقة وكذلك لو قضى بخبر مشهور تلقته الأمة بالقبول وظهر عندهم كقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها وقوله عليه الصلاة والسلام لا تنكح الأمة على الحرة" لأن الكتاب ينسخ بالمشهور من السنة وكذلك السنة المتواترة فلا يكون العمل عليه خلافًا للكتاب في الحقيقة والله أعلم.

باب (١) ما لا ينفذ مما يرفع إليه

من ذلك (٢) القضاء بشاهد ويمين إذا رفع إلى قاضٍ آخر فلا ينبغي له أن ينفذه بل يبطله) لأنّه خالف الكتاب قال الله تعالى {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} أوجب الحق بأحد هذين لا غير فمن أثبت ذلك وأوجبه بشاهد ويمين فقد خالف الكتاب دلت المسألة على أنه لا يعتبر خلاف الشافعي - رضي الله عنه - وأمثاله وإنّما يعتبر خلاف المتقدمين والمراد بالمتقدمين الصحابة ومن كان بينهم من التابعين ولا خلاف بين الصحابة في أنّه لا يجوز القضاء بشاهد ويمين وإنّما قال بذلك مروان بن الحكم وهو أول من حكم بشاهد ويمين وخلافه غير معتبر فكان الإجماع منعقدًا على أنّه لا يجوز فإذا قضى به قاضي فقد قضى بما خالف الإجماع فلا يجوز (ومنها (٣) القضاء بالقتل بالقسامة وذلك فيما


(١) وفي س باب القاضي يرفع إليه قضية قاضٍ آخر مما لا يجب عليه إنفاذها.
(٢) وعبارة س لمسائل الباب كما يأتي (قال ولو أن قاضيًا قضى بشاهد ويمين أو بقتل بقسامة أو ببيع أم الولد ثم رفع إلى قاضٍ آخر هذا مما لا ينبغي لهذا القاضي أن ينفذه) أما الأول فلأن هذا القضاء يخالف الكتاب وهو قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} الآية فالله تعالى شرع فصل القضاء بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين فكان الفصل في القضاء بشاهد ويمين مخالفًا للكتاب والحديث فيه شاذ لا يجوز العمل به على مخالفة كتاب الله تعالى لم يعتبر الاختلاف بيننا وبين الشافعي وإنما اعتبر الاختلاف بين المتقدمين والمراد من المتقدمين الصحابة ومن معهم ولم يقض أحد من المتقدمين بشاهدين ويمين إلا مروان بن الحكم وفعله مما لا يؤخذ به فلا يكون هذا مجتهدًا فيه.
(٣) وفي س وأما الثاني وهو القتل بالقسامة يريد به أن القتيل إذا وجد في محله وبينه وبين أحد من أهل المحلة عداوة ظاهرة والعهد قريب من حين الدخول في المحلة إلى أن وجد قتيلًا فعين ولي القتيل في المحلة رجلين أنهما قتله وحلف على ذلك عند مالك وهو قول الشافعي القديم يقضي القاضي بالقود وعندنا لا فإذا قضى به ثم رجع إلى قاض آخر ينقضه لأن هذا القضاء يخالف الإجماع لما أن مالكًا لم يكن موجودًا في الصحابة فلا يكون قوله معتبرًا والدليل عليه أن أول من قضى بالقود بالقسامة معاوية - رضي الله عنه - فلم يكن مختلفًا بين الصحابة فكان القضاء مخالفًا للإجماع فكان للثاني أن ينقضه.

<<  <   >  >>