للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل (١)

(وإن شهد واحد ووصف الشهادة فقال آخر "أشهد على مثل شهادته" لم يقبل ذلك حتى يتكلم كل واحد بشهادته) وذلك لأن قوله "على مثل شهادته" محتمل أن يريد به بعض ما تضمنته الشهادة أولها أو أوسطها أو آخرها (٢) والشهادة حجة القاضي (٣) فينبغي [أن ينفي عنها وجوه الاحتمالات بقدر الإمكان] (٤). قال الشيخ الإمام شمس الأئمة أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الحلواني رحمه الله: هذا شيء اختاره صاحب الكتاب احتياطًا كما هو عادته في مثله، والمذهب لأصحابنا أن قول الشاهد "أشهد بمثل شهادة صاحبي (٥) " وقد [شرحها صاحبه مقبول] (٦)، لأنها بناء على شهادة صاحبه، والبناء مثل المبني فيجب قبولها كالأولى؛ ثم قال شمس الأئمة رحمه الله: والمختار عندي أن ينظر في حال الشاهد، فإن كان فصيحًا يقدر على بيان الشهادة وتفسيرها لا يقبل منه الإجمال، وإن كان عجميًا يتعذر عليه ذلك قبل منه الإجمال، (٧) لكن بشرط أن يكون بحال لو كلف البيان قدر عليه في الجملة لكنه بحكم الحال عجز لإعراض خجل أو وقوع وجل (٧).

قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي رحمه الله: المختار عندي أن ينظر القاضي في حال الشاهد، فإن أحسّ منه بخيانة وتوهم فيه تلبيس أمر لم يقبل إجماله، وإن كان غير ذلك قبل الإجمال (٨)؛ ثم قال الشيخ الإمام السرخسي: وهذا فيما قال الشاهد


= أن يجعل هذا من علامات الكذب، وتأويل قوله عليه الصلاة والسلام "قبل أن يستشهد". قبل أن يتحمل كما قال الله تعالى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} والمراد من الاستشهاد هو التحمل فإذا سأله القاضي يقول بم تشهد. ولا يقول له "كيف تشهد" لأن ذلك يكون شبيه التلقين.
(١) عناوين هذه الفصول كلها ساقطة من س، وإنما فيها مسائلها بدون عناوينها بكلمة "الفصل".
(٢) وفي س هذا مذكور بالمعنى، وبعده زيادة على ما أنقله منها، وهي: "لأن هذا مجمل يحتمل أن يكون المراد منه: أشهد على مثل شهادته من أوّله أو خلاله أو من آخره" فيضمر الشاهد شيئًا في هذه الشهادة فيتحرّز عن الوبال ويلبس على القاضي".
(٣) من م، وفي ص وس "القضاء".
(٤) وفي س "فمع الاحتمال لا يجب القضاء بهذا".
(٥) وفي م "أستحق مثل شهادة صاحبي" وفي س "اشهد بما شهد به هذا".
(٦) وفي س "كفى".
(٧) مكان ما بين الرقمين في س هذه العبارة "إذا كان بحال لولا حشمة مجلس القاضي يمكنه أن يعبر الشهادة بلسانه، أما إذا كان بحال لا يمكنه أن يعبر بلسانه أصلًا فإنه لا يقبل القضاء أيضًا".
(٨) وفي س هنا تعبير بالمعنى وزيادة وهو: "إن أحس القاضي بخيانة من الشهود وشهادة الزور كلف كل شاهد أن يفسر شهادته كما قال صاحب الكتاب، وإن لم يحس بشيء من الخيانة لا يكلف ويحكم في ذلك رأيه، هذا =

<<  <   >  >>