للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

باب حجر الفساد (١)

(قال أبو حنيفة (٢) - رضي الله عنه - الحجر على الحر البالغ العاقل باطل إلّا ثلاثة الطَّبيب الجاهل والمفتي الماجن الذي يعلم النَّاس الحيل والمخارج والمكاري المفلس الأوَّل لإفساده الأبدان والثَّاني لإفساده الأديان والثالث لإفساده أموال النَّاس قيل هذه رواية عن أبي حنيفة - رضي الله عنه - وإلّا فظاهر الرِّواية إنَّه لا يرى الحجر على حر كائنًا من كان متى كان بالغًا عاقلًا وقال أبو يوسف ومحمد والشَّافعي -رضي الله عنهم- يجوز الحجر على الحر وإن كان بالغًا عاقلًا سوى أنّ عند أبي يوسف ومحمد رحمة الله عليهما الحجر يكون بأسباب ثلاثة الدين وقد مر ذلك في الباب السابق والثَّاني السفه والتبذير (٣) والثالث الغفلة (٤) وسلامة القلب وزاد الشَّافعي (٥) رابعًا فقال والفسق وتعاطي المعاصي.

فصل

(ولو (٦) بلغ سفيهًا بلغ محجورًا عند محمد وقال أبو يوسف لا ينحجر ما لم يحجر عليه القاضي وكذلك لو بلغ رشيدًا ثم حدث به السفه يحدث الحجر عند محمَّد من غير فعل القاضي وقال أبو يوسف لا ينحجر ما لم يحجر عليه القاضي) فأبو يوسف اعتبره بالحجر


(١) وفي س باب الحجر بسبب الفساد.
(٢) وعبارة س لهذا المتن كما يأتي (الحجر على الحر العاقل البالغ باطل لا يجوز عند أبي حنيفة رحمه الله إلَّا على المتطبب الجاهل الذي يسقي النَّاس السم وعنده أنَّه دواء والثَّاني المفتي الماجن الذي يعلم النَّاس الحيلة والمخارج والثالث المكاري المفلس) لأنَّ الأوَّل يفسد النَّفس والثَّاني يفسد الدين والثالث يفسد المال وفيه ضرر فاحش عام ومن المتأخرين من قال هذه رواية روي عن أبي حنيفة فأمَّا في الظاهر لا يجوز الحجر على أحد من الأحرار العاقلين البالغين اهـ.
(٣) زاد في س فإن السفيه المبذر والمسرف في المال ممن يحجر عليه عندهما.
(٤) زاد في س وهو أن لا يكون مفسدًا لكن يكون مغفلًا سليم القلب لا يهتدي إلى التصرفات ولا يصبر عنها فيقع في الغبن فإن القاضي يحجر على مثل هذا الرجل.
(٥) وفي س وأمَّا الرابع فإنه إذا كان فاسدًا في دينه مرتكب للمعاصي لكن لا يبذر ولا يصرف لا يجوز الحجر عليه عندهما الضامن عليه في آخر الباب وعند الشافعي يجوز فإن الفسق من أسباب الحجر عليه عنده اهـ.
(٦) تعبير س لهذه المسألة كما يأتي ثم اختلف أبو يوسف ومحمد فيما بينهما فيمن بلغ سفيهًا قال أبو يوسف يبلغ مطلقًا ولا ينحجر إلَّا بحجر القاضي وقال محمَّد يبلغ محجورًا وكذا إذا بلغ رشيدا حتَّى يبلغ مطلقًا ثم صار سفيهًا قال أبو يوسف لا ينحجر إلَّا بحجر القاضي وقال محمَّد ينحجر فأبو يوسف جعل الحجر بسبب السفه والتبذير قياس الحجر بسبب الدين وذلك لا يثبت إلَّا بقضاء القاضي ومحمد جعل قياس الحجر بسبب السفه والتبذير قياس الحجر بسبب الصبا وذلك يثبت من غير قضاء القاضي.

<<  <   >  >>