للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فعندهما يلزمه ما كان قضى به وعند أبي حنيفة لا) بناءً على أن من أصل أبي حنيفة - رضي الله عنه - أن علم القاضي بالعزل ينقلب علم شهادة ثم لا يعود على قضاء أبدًا وعندهما متى عادت ولايته عاد على قضاء فكأن له أن يحكم به والله أعلم.

[باب القاضي يقضي بعلمه]

ذكر (ابن سيرين (١) أن شريحًا خاصم إليه رجل فسأله البينة فقال [له] (٢) الرجل يا أبا أمية أنت (٣) تشهد لي فقال له (٤) اذهب إلى الأمير فخاصم إليه حتى أجيء فأشهد لك أفاد الحديث (٥) فائدتين إحداهما أن القاضي لا يقضي بعلمه لأن شريحًا لم يقض بعلمه والثانية أن قضاء الأمير ينفذ كقضاء القاضي لأنّ القاضي إنّما يولى من جهة الأمير وهو فرع والأمير أصل فإذا نفذ قضاء الفرع فالأصل بذلك أولى ذكر (عن شريح أيضًا أنّه (٦) قضى بشهادة رجل واحد وقد كان علم منها شيئًا) (٧) دل الحديث (٨) على أنّه لم يكتف بعلم نفسه في القضاء واعتبر انضمام قول آخر إليه وهذا مذهب تفرد به شريح أن القاضي متى علم شيئًا لم يجز له القضاء به ما لم ينضم إليه رجل آخر أما عند أبي حنيفة فإن علمه الذي حصل قبل القضاء كلا علم فتبقى شهادة واحد وأنّها لا تحكم بها وعند أبي يوسف ومحمد القاضي يقضي بعلمه كيف ما كان ولا يعتبر انضمام قول آخر إليه فكأن ما قاله شريح مذهبه يختص به


(١) وفي س ذكر عن شريح أن رجلًا خاصم إليه إلخ.
(٢) بين المربعين زيادة من س.
(٣) وفي س أنك مكان أنت.
(٤) وفي س فقال له شريح.
(٥) وعبارة شرح هذا الأثر في س كما يأتي في الحديث فائدتان إحداهما أن القاضي لا يقضي بعلمه الذي استفاده قبل القضاء ألا ترى أن شريحًا لم يقض به فصار الحديث حجة لأبي حنيفة على صاحبيه والثاني أن قضاء الوالي ينفذ كما ينفذ قضاء القاضي ألا ترى أن شريحًا قال للرجل اذهب إلى الأمير وخاصم إليه وهذا لأن القاضي إنما استفاد ولاية القضاء من الأمير فإذا استفاد هذه الولاية من الأمير وقد نفذ قضاؤه فلأن ينفذ قضاؤه الأمير كان أولى.
(٦) وفي س ذكر بعد هذا أن شريحًا قضى إلخ.
(٧) وفي س علمًا مكان شيئًا.
(٨) وعبارة هذا الشرح في س كما يأتي يريد بهذا أن الحادثة كانت معلومة عند شريح فشهد بها عنده رجل آخر حتى انضم شهادة ذلك الرجل إليه فيصير شاهدين فقضى به شريح وهذا رأي روي عن شريح ولم يأخذ به أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد -رضي الله عنهم- لأن عند أبي يوسف ومحمد للقاضي أن يقضي بعلم نفسه فلا يشترط انضمام رجل آخر إليه وعند أبي حنيفة علم القاضي لا يعتبر فإذا سقط اعتبار علمه لابد من شهادة شاهدين وهذا لأن في باب الشهادة لفظ الشهادة شرط والقاضي لا يمكنه أن يشهد بين يدي نفسه ثم يقضي اهـ.

<<  <   >  >>