للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذكر (عن ميمون بن مهران قال: بعثني عمر بن عبد العزيز" يعني القضاء (١) (وقال: لا تقض على غضب ولا ضجر، وليكن من رأيك الحلم عن الخصوم، واعلم أنه لا خير في قضاء إلّا بفهم، ولا خير في فهم إلّا بحكم، ولا خير في حكم إلّا بفصل، ولا خير في فصل إلّا بعدل) وهذا لأن القضاء بغير فهم قضاء بالجهل وهو غير جائز، ولا خير في فهم إلّا بحكم لأن العلم متى لم يوصل الحق إلى المستحق فلا فائدة فيه، ولا خير في حكم إلّا بفصل وهو التسليم إلى المستحق لأنه متى حكم له يجب التسليم إليه، ولا خير في فصل إلّا بعدل لأنّ العدل مطلوب في جميع الأحوال (٢) والله أعلم بالصواب.

[باب القاضي يأخذ الرزق]

ذكر (عن نافع أن عمر - رضي الله عنه - كتب (٣) إلى أبي عبيدة ومعاذ بن جبل بالشام أن: انظروا رجالًا من أهل العلم من الصالحين ممن (٤) قبلكم فاستعملوهم على القضاء ووسعوا عليهم (٥) من الرزق) وهذا لأن القاضي محبوس بحق المسلمين فيجب كفايته في مال المسلمين، وذلك من بيت المال لأن الحبس سبب استحقاق الكفاية (٦) كحبس المرأة بحق


(١) قوله "يعني القضاء" كذا في الأصلين، ولم تذكر س هذا الشرح ولعل الصواب "يعني على القضاء" فسقط "على" النسختين و"يعني قاضيًا" والله أعلم.
(٢) ولفظ س في شرح هذا الحديث هكذا: أما القضاء على الغضب والضجر والحلم عن الخصوم قد ذكرناه فيما تقدم، وقوله لا خير في قضاء إلا بفهم لأن إذا لم يفهم يقضي عن جهل وقوله "لا خير في فهم إلا بحكم" لأنه وإن فهم المحق من المبطل لا يمكنه إيصال الحق إلى المستحق إلّا بالحكم، وقوله "لا خير في حكم إلا بفصل" يريد به أن الخصومة إنما ينتهي نهايتها بالتسليم فما لم يسلم الحق إلى المستحق لا يقع الفصل وقوله "لا خير في فصل إلا بعدل" يريد به إذا كان محقًا في ذلك الحكم والتسليم.
(٣) وفي س "وذكر عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه كتب".
(٤) وفي س "من" وفي م "فمن".
(٥) وفي س "وأوسعوا عليهم"
(٦) وفي س وفيه دليل على أن للقاضي أن يأخذ كفايته من بيت المال، ألا ترى أنه قال "وأوسعوا عليهم من الرزق" والدليل عليه ما روي عن أبي بكر - رضي الله عنه - لما استخلف كان يأخذ الرزق من بيت المال، وعمر - رضي الله عنه - لما استخلف كان يأخذ الرزق من بيت المال وعثمان - رضي الله عنه - كان صاحب ثروة ويسار فكان يحتسب ولا يأخذ، وعلي - رضي الله عنه - كان يأخذ، ولأنه محبوس بحق العامة، والحبس من أسباب النفقة، ولا يكون هذا أجرًا على القضاء لكن إنما يأخذ كفايته لأنه محبوس بحق، العامة فكان عاجزًا عن الكسب، ولو لم يأخذ كفايته لنفسه وعياله ومن يمونهم من أهله وأعوانه احتاج إلى أن يأخذ من أموال الناس فيأخذ الرشوة، وذلك حرام اهـ. قلت: وليس فيها ما ذكر هنا في الأصل بعد ذلك من نظير المرأة والمضارب.

<<  <   >  >>