للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحمد بنُ عمرو وينبغي للقاضي أن يسوي بين الخصوم) إلى آخر ما ذكر وقد تقدم ذكر ذلك (١) في الباب السابع من هذا الكتاب والله أعلم.

[باب القاضي يؤتى في منزله]

ذكر (عن الشعبي قال سمعت النعمان بنُ بشير -رضي الله عنهما- يخطب على منبر الكوفة فيقول تدرون ما مثلي ومثلكم يا أهل الكوفة مثل ضبع وثعلب اختصما إلى ضب في حجره فأتياه فقالا يا أبا الحسل قال سمعنا دعوتما قالا أتيناك لتقضي بيننا قال في بيته يؤتى الحكم قالت الضبع إني فتشت عيبتي قال فعل النساء فعلت قالت وإني وجدت فيها ثعالة (٢) قال خبيث مخبث قالت وإني لطمته قال كريم انتصر قالت وإنه لطمني قال البادي أظلم قالت احكم بيننا قال حدث امرأة حديثين فإن أبت فأربع).

النعمان بنُ بشير كان من صالحي التابعين (٣) وزهادهم (٣) وكان واليًا على الكوفة في زمن عمر - رضي الله عنه - وكان بينه وبين أهل الكوفة سر فخانوه فيه وأفشوا سره عند عدوه فتمثل بما ذكرنا قيل وجمع بين الثلاثة المذكورة لأن الضبع أخبث الدواب والثعلب معروف بالمكر والدَّهاء والضب يقال أحمق الدواب ثم ذكر قول الضب في بيته يؤتى الحكم فهو إذا كان مع حماقته يعرف أن القاضي ينبغي أن يؤتى في منزله فغيره أولى قال فأتياه فقال يا أبا الحسل (٤) هو ولد الضب فكنيا الضب وما سمياه تعظيمًا له ثم قال فتشت عيبتي أي سري وسماه عيبة لأن العيبة اسم لوعاء يجعل فيه الأداة يواري به عن أعين الناظرين كالسر المستور عن الغير قوله فعل النساء فعلت يدل على أن إفشاء السر فعل النساء فلا ينبغي للرجال أن يفعلوه والثعالة أنثى الثعالب والذكر منها الثعلبان كالعقربان لذكر العقارب وقيل الثعالة دابة منتنة تقاتل بيديها جميعًا ومعنى كلامه وجدت من نفسي رائحة كرهة (٥) لإفشائي السر قوله وإني لطمته أي جازيته وعاقبته على إفشاء السر وقوله كريم انتصر يعني عاقب من جنى عليه (٦) وقوله إنه لطمني أي فعل بي مثل ذلك من العقوبة قوله البادي أظلم أي إنك الظالم فإنك ابتدأت


(١) وفي س بين الخصمين وقد ذكر أشياء تقدم ذكرها الخ.
(٢) الثعالة ولد أنثى الثعلب هامش الأصل الآصفي.
(٣) وفي س من فقهاء الصحابة قلت وهو الصواب أما لفظ التابعين فغير صحيح لأنه صحابي ابن صحابي من الأنصار معروفًا من أجلتهم فلعل هذا من تصرفات بعض نساخ الكتاب والله أعلم.
(٤) هو بكسر الحاء وسكون السين.
(٥) وفي س ريحًا نتنًا.
(٦) وفي س وقوله كريم انتصر يعني لما لم يحفظ سرك فقد خانك فإذا لطمته فقد انتصرت.

<<  <   >  >>