للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخصومة (١) كانت تجري بين صغار الصحابة وكبارهم ولكن خصومتهم لم تكن مكابرة ومعاندة للحق بل لالتباس المحق منهم بالمبطل فإذا عرفهم القاضي ذلك انقادوا له ولهذا كان القاضي في زمانهم مفتيًا وفي زماننا هو سلطان وقول عمر - رضي الله عنه - هذا أول جورك يعني تركت التسوية بين الخصوم وهو جور وظلم وقوله بعد ذلك وأيضًا يعني وهذا جور أيضًا لأن القاضي لا ينبغي له أن يشفع لأحد الخصمين فإن ذلك ظلم وقول عمر - رضي الله عنه - لا بل تقضي علي باليمين ثم لا أحلف فيه تأويلان قال بعضهم معناه لا أريد الإعفاء بل تقضي علي باليمين ثم أنكل عنها ولا أحلف وهو دليل جواز القضاء بالنكول وقال بعضهم معناه لا أريد الإعفاء عن اليمين ثم ابتدأ الكلام على وجه التعجب والاستبعاد فقال تقضي علي باليمين ثم لا أحلف [يعني أني أحلف] (٢) إذا قضيت علي باليمين (٣) فالتأويل الأول يدل على أن التوقي من اليمين الصادقة مطلوب كما فعله عمر - رضي الله عنه - والثاني يدل على جواز الإقدام على اليمين الصادقة وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقسم فيما نقل عنه (٤) والله أعلم. ذكر (عن أم سلمة -رضي الله عنها- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٥) قال: إذا ابتلي أحدكم بالقضاء فليسو بينهم في المجلس والإشارة والنظر ولا يرفع صوته على أحد الخصمين أكثر من الآخر) أفاد الحديث وجوب التسوية بين الخصوم (٦) على ما تقدم. ذكر (عن ابن عبَّاس -رضي الله عنهما- في قول اللُه -عَزَّ وَجَلَّ- {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} قال هو الرجلان يجلسان عند القاضي فيكون لي القاضي وإعراضه لأحد الرجلين على الآخر) ولي القاضي هو أن يلوي عنقه عن أحدهما بعد أن أقبل عليهما وذلك حرام (٧) لما فيه من ترك التسوية (قال أَبو بكر


(١) وفي س وفيه دليل على أن الخصومات كانت تقع بين كبار الصحابة رضوان الله عليهم ولا يظن بهم إلَّا الجميل فيحمل على أن الأمر قد يشتبه عليهم فيختصمون كي يظهر الحق ولا يظن بهم إلَّا هكذا.
(٢) زيادة من ص.
(٣) وفي س ومنهم من قال أراد به لا مفصولًا عن قوله يقضي يعني لا تقضي علي باليمين ثم لا أحلف يعني إنك تقضي علي باليمين فكيف لا أحلف.
(٤) شرح حديث خصومة عمر وأبي رضي الله عنهما في س مذكور بالمعنى غير مجتمع في موضع واحد بل في مقامات شتى من الحديث حسب ما يقتضي شرحه وقد نبهنا عليه في بعض مواضعه.
(٥) وفي س عن النبي عليه الصلاة والسلام أنَّه قال الحديث.
(٦) وفي س بين الخصمين.
(٧) وفي س وهذا منهي عنه شرعًا لأن فيه إعانة لأحد الخصمين ومكسرة للآخر هو مأمور بالتسوية بينهما.

<<  <   >  >>